كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل السادس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل السادس Empty
مُساهمةموضوع: 7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل السادس   7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل السادس Emptyالخميس فبراير 01, 2018 8:18 am

7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل السادس
6- رعب في الجزيرة..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
عوى الكلب مرتين مصدرا تلك الزمجرة المنذرة بالويل.. ثم انقض عليّ دون سابق إنذار بمجرد أن أفلت من قبضة تابيثا على المقود.. شرعت أتظاهر بالرزانة والوقار مانعا نفسي من البكاء كالأطفال أو الفرار كالأرانب لأني أعرف أن هذا سيزيد الأمور سوءا.. شرع يتشمم بنطلوني وجيوب سترتي.. ثم بدأ يدرك أنني لست بالخطر الداهم على صاحبيه.. وبدأ تدريجيا يتناسى وجودي كلية..
- كوستاس!.. تعال هنا..
صاحت به تابيثا بلهجة صارمة.. فتركني أخيرا وعاد لها في تؤدة.. غريب أمر هذا الكلب الذي يجيد الانجليزية.. إلا أنني كتمت بصعوبة ما يعتمل في رأسي من خواطر حول المتعة التي يحصل عليها المرء من تربية هذا الببر..
- ماذا بك يا رفعت؟.. كنت أحسبك رفيقا بالحيوانات الضعيفة..
=نعم.. الحيوانات الضعيفة.. الحيوانات التي قد تموت جوعا لو لم نرفق بها.. أما هذا الوحش فلن يجوع أبدا.. إنه سيفترس أول إنسان يكون أمامه عند شعوره بأولى علامات الجوع.. لا مشكلة إذن..
قالت في دلال ممزوج بالعتاب وهي تدعك أذني الببر:
- لا تقل هذا عن عزيزي كوستاس.. إنه رابطتي الوحيدة بإسكتلندا.. وكان اسمه ماكسل.. وكان الكلب الأثير عند أبي..
=لهذا يفهم الانجلزية إذن.. ولكن لماذا لم أره أمس؟..
- لم نرد أن نضايقك.. لذا حبسناه في بيته..
هنا خطرت لي فكرة.. لو أن هذا الوحش يجيد ربع ما تجيده الكلاب التي في حجمه وتحترم نفسها.. فهو قادر إذن على تقفي الأثر بالشم.. لو أنه شم الكيس الخيشي الذي كانت به رأس ميدوسا فهو قادر إذن على مسح الجزيرة كلها والعثور عليه.. إنها الطريقة الوحيدة التي أعرفها للعثور على رأس مختف.. قلت لها فكرتي.. كنا واقفين على الشاطئ نرمق أمواج بحر إيجة المتسابقة لترتمي عند أقدامنا الحافية.. تفكرت حينا.. ثم بدت عليها علامات السرور.. إنها فكرة لا بأس بها حقا.. ولئن كان ذلك الشئ مختفيا في كهف.. أو في بيت.. أو في باطن الأرض.. فهي تعرف أن كوستاس العزيز سيجده..
=ولكن كيف لم تخطر لك هذه الفكرة البديهية من قبل يا تابيثا؟..
- لأننا أغبياء يا عزيزي رفعت.. ولأنك عبقري..
قالتها في سخرية واضحة.. لو أن أية امرأة أخرى في العالم قالت لي هذه العبارة لامتلأت زهوا.. لكني تعلمت مع تابيثا أن أكون حذرا.. وعلى مرمى البصر كانت سفن الصيد العتيقة متراصة فوق رمال الشاطئ لتجف ومجموعة من الأطفال يلعبون.. وصياد عجوز يدخن النارجيلة التركية الشهيرة.. وبعض الشبان يعزفون على آلة وترية ما لا أعرفها.. سألتها:
=هل هذه هي البوزوكي؟..
- كلا.. هذه هي السانتوري.. ألم تقرأ تحفة نيكوس كازندزاكيس (زوربا اليوناني)؟!..
=في الواقع.. نعم.. لم أقرأها..
- إنها آلة رائعة.. وترغمك إذا ما حاولت التعبير عن نغماتها أن ترقص رقصا يونانيا موقعا.. إن كل آلة موسيقية عند كل شعب ترغمك على أن ترقص كأهلها.. الطبول تجعلك ترقص كالأفارقة.. الناي والطبل يجعلانك ترقص رقصا مصريا.. الجيتار يجعلك ترقص كالأسبان.. لا حيلة لك في ذلك لأن تكوين الآلة يسيطر على جهازك الحركي ويطبعه بطابعها..
كنت أتأمل في عبارتها حين وصل ميخائيل حاملا سلة من القش اشتراها من بعض الصيادين وكانت مليئة بالأسماك.. ألقى بسمكة للوحش المدلل التهمها وهي في الهواء بعد.. وفي فتور سألنا:
- تتحدثان عن ميدوسا..؟
- كلا.. بل عن الآلات الوترية في الحضارة الإغريقية..
قال كلمة يونانية ما واضح أنها تعادل كلمة (إحنا في إيه والا إيه) في العربية ثم جلس على الرمال.. وشرع يدندن لحنا يونانيا حزينا.. بدأت تابيثا تفتح مدفعها الرشاش عليه مطلقة سيلا من العبارات اليونانية يتخللها اسمي واسم كلبها العزيز ولا فخر مما أكد لي أنها تخبره بفكرتي.. نظر لي في فهم.. وابتسم مؤيدا.. ثم اقترح بعدها أن ننفذها هذا المساء حين يتكفل الظلام بإراحتنا من الأسئلة..
وهكذا شرعنا ننفذ خطتنا الصغيرة.. عدنا إلى الكوخ وجعلنا الكلب يتشمم كيس الخيش الذي وجدوه جوار تمثال الأستاذ.. ثم أمسك ميخائيل بالمقود وشرع يحث السير خلف الكلب المتحمس.. كان المساء قد بدأ يدنو مرة أخرى.. خرجنا من الكوخ وبدأنا السير عبر رمال الشاطئ وسط النظرات الفضولية التي تقول بصراحة: ماذا دها هؤلاء المجانين؟!.. وبدأ الكلب يتحفز.. ثم دار حول مجموعة الكهوف المتاخمة للشاطئ.. واختار أحدها ودخل.. قربت تابيثا الكيس من أنفه بيد ترتجف لتتأكد من أن ذاكرته لم تضعف.. إلا أنه واصل السير بثقة إلى ما يشبه الفتحة في جدار الكهف.. ودخل.. ونحن خلفه.. لكن الظلام كان دامسا بالداخل.. أشعلت قداحتي فأزالت العتمة قليلا.. وعلى ضوئها المتراقص رأينا الكلب يحفر في رقعة ما من الأرض وهو يزوم بتلك الطريقة المفزعة.. وكانت أذناه متصلبتين.. وشعر عنقه منتصبا.. وذيله منتفشا.. لقد أحس بها.. قرب ميخائيل يده يحاول جذب المقود إلا أن الكلب كشر عن أنيابه وأصدر زمجرة منذرة فأبعد هذا يده فورا.. همست تابيثا في رهبة:
- لا تحاول يا ميخائيل!.. سيعضك.. إنه ليس في حالة طبيعية..
رهيب هو هذا المشهد.. والنظرة الزائغة المبهورة في عيني الكلب و.. وهنا تداعى لخاطري سؤال:
=هل هذا هو الكهف حيث.. حيث وقع الحادث؟..
- نعم هو.. ألم تفهم بعد؟!..
=لكن هذا يعني أنه يشم أثر الرأس في الأرض.. وليس الرأس نفسه..
- لا أعتقد.. لابد أن الرائحة قد زالت الآن.. ولن تكون أقوى من الرائحة العالقة بالكيس نفسه..
=وهذا يعني..
قال ميخائيل وهو يطفئ لهيب القداحة بأنفاسه:
- يعني أن بقية الشئ موجودة هنا.. أو أن هناك رأسا آخر تحت الأحجار.. أو أن هذه المقبرة خاصة بشقيقتي ميدوسا.. لا أدري حقا لكن الشئ المؤكد هو أن الوقت قد حان كي نغلق عيوننا..
***********************
وهكذا تركنا الكلب حيث هو وهرعنا متخبطين إلى كوخنا نبغي حماية لعيوننا.. أتى ميخائيل بعصابتين للأعين من التي يضعها ذوو العيون الحساسة للضوء عند النوم.. أما أنا فوجدت قطعتين من القطن صالحتين لأن أدسهما بين جفوني وزجاج النظارة.. ثم انطلقنا كالقذائف نبغي الوصول للكهف قبل أن نسمع.. العواء!.. العواء المريع المتحشرج الذي كنا نخشى أن نسمعه.. جرينا للكهف وصوت تابيثا تنهنه بالبكاء وهي تجري جواري وتردد مرارا:
- ما كان يجب أن.. ما كان يجب أن..
وهنا - أمام الكهف - وجدنا حشدا من السكان يقفون واجمين.. لم يجرؤ أحدهم على الدخول في وكر الشيطان هذا.. شققنا طريقنا.. وارتدى الزوجان القناعين أما أنا فحشرت قطعتي القطن خلف الزجاج حتى لم أعد أرى أي شئ.. لربما كان إغماض عيوننا كافيا لكن أحدا لا يضمن لحظة شرود ذهن أو انعكاس لا إرادي يرغمنا على فتحها.. وهنا بدأ سباق العميان.. وسط صخور الكهف نزحف ونحبو نحو المكان الذي سجلته ذاكرتنا.. وسمعت صوت تابيثا الملتاع يصرخ:
- إنه هنا.. لقد وجدته..
مددت يدي تجاه صوتها فاصطدمت بشئ أملس وبارد.. حجر.. تحسسته في رزانة.. الفم والأنياب والقدمين.. إنه تمثال كلب.. لا شك في ذلك..
- يا عزيزي كوستاس.. أنا السبب.. أنا..
شرعت تتشنج في الظلام.. أكاد أرها وهي تحتضن التمثال المرعب محيطة عنقه بذراعيها ومسندة رأسها على كتفه.. لم يعد منها نفع بعد الآن.. أما ميخائيل فلم يكن عنده وقت لهذا السخف.. إذ سمعت صوته في الظلام الدامس:
- ها هو ذا الرأس يا رفعت.. لقد وجدته.. مد يدك نحوي..
مددت يدي نحوه فاصطدمت بفتحة.. فتحة أنف.. تحتها شارب.. و..
- ليس هنا أيها الأحمق!.. هذا أنفي!.. أنزل يدك قليلا.. لأسفل.. هكذا.. والآن ها هو ذا!.. هل تحس به؟!..
في الظلام أشعر به.. مستجمعا كل حاسة التقدير الفراغي عندي أتحسسه.. الأنف المجدوع.. الفم ذا الأنياب الحادة.. ثم عشرات الأشياء الطويلة الملتفة حول الرأس ولا يمكن أن تكون سوى ثعابين.. إنه هو.. فتحت له الكيس فرفع الشئ وألقاه فيه وأحكمنا ربطه..
كانت رائحة الشئ قوية وأعتقد أن كل عطور العالم لم تكن قادرة على إزالتها من أيدينا.. والآن يمكننا أن نخرج.. لم نزل العصابات من على أعيننا فمن أدرانا أننا لن نجد أمامنا رأسا آخر خارجا من التربة؟.. حملت الكيس في يدي.. وسمعت صوت ضجة فهمت منها أنهما يتعاونان على إخراج تمثال الكلب من المقبرة.. والآن نشم هواء المساء المالح فنزيل عصاباتنا.. أهالي الجزيرة يحيطون بنا يرمقوننا في وجوم.. وعيونهم متصلبة على الكيس الذي أحمله وعلى تمثال الكلب الثقيل الذي تعاون الزوجان على حمله.. تمثال لكلب يحفر في الأرض ويصرخ.. هذا الصمت الثقيل ينذر بشئ ما.. بدأنا نشق طريقنا بين صفوفهم.. وفجأة برزت لنا امرأة عملاقة ترتدي السواد وشرعت تطلق علينا سيلا من الكلمات اليونانية التي لا تمت للمجاملات بصلة حتما.. قالت لي تابيثا وهي تنشق لمنع دموعها من أن تسيل من فتحتي أنفها:
- إنها ميليسا.. زوجة نيكوس..
=نعم.. نعم أرملة ذلك العامل.. هذا واضح..
- إنها تقول إن الشؤم حل بالجزيرة منذ قدوم الشياطين.. شيطان المدينة والمرأة الأجنبية التي ترتدي البنطلون و.. هناك بعض الشتائم طبعا لكني لن أترجمها وتقول إن الشيطان الأصلع ذا النظارة قد جلب المزيد من الشؤم..
=لابد أنها تتحدث عني..
كانت المرأة صارمة الوجه.. وكان العرق واللعاب يتناثران من فمها وهي تشير للكيس ثم للرجال.. وتقول كلاما كثيرا..
- إنها تقول إن الشئ سيجلب الشؤم علينا وعلى أولادنا.. وأن الرجال لو كانوا رجالا حقا لرموه في البحر للأسماك ورمونا نحن أيضا..
وتواصل المرأة الصراخ في حين جفت دموع تابيثا والتمعت نظرة التحدي في عينيها..وواصلت الترجمة:
- إنها تقول: فليمزق ألف مخلب أحشاء من بذر البذرة التي منها نبتت الشجرة التي صنع كوخنا من خشبها..!
شاعرية جدا هذه اللغة اليونانية.. ذكروني أن أتعلمها فيما بعد حين تتحسن الظروف.. أما الآن فالموقف لا يثير الطمأنينة أبدا.. وهنا ثارت تابيثا وصاحت في المرأة مطلقة بعض القذائف اليونانية شديدة الانفجار.. ردت المرأة بقنبلتين هيدروجينتين.. وكانت تابيثا على وشك استعمال قنابل النيوترون حين اشتبكت معها المرأة بالضرب واللطم والصفعات والعض.. هل شاهدت في حياتك صراع قطين؟.. هل تستطيع لو جرؤت أن تفصلهما؟!.. هذا هو ما حدث وقتها.. ميخائيل وأنا من ناحية والرجال من ناحية أخرى.. الكل يحاول إنهاء صراع الديناصورين هذا.. وقبل أن أفهم ما حدث اندفعت قبضة المرأة تلكمني في أنفي وانتزعت الكيس الخيشي من يدي.. وهي تسبني بما لا أفهمه.. لكن الكيس كان مهترئا.. مهترئا إلى درجة أنه لم يتحمل هذا الجذب!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل السادس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل الثالث
» 7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل الرابع
» 7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل الخامس
» 7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل السابع
» 7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل الثامن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: