كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 7- أسطورة رأس ميدوسا(2)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

7- أسطورة رأس ميدوسا(2) Empty
مُساهمةموضوع: 7- أسطورة رأس ميدوسا(2)   7- أسطورة رأس ميدوسا(2) Emptyالخميس فبراير 01, 2018 8:13 am

7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل الثاني
2- هي..
ــــــــــــــ
جزيرة كارادوس في بحر إيجه.. الخامس عشر من أبريل عام 1966.. كان الحر شديد الرطوبة يلتف حول كل شئ.. خانقا.. كريها.. لزجا.. وهناك في خيمته والبعوض يحاصره والذباب يلتهم طعامه بدا لعالم الحفريات العجوز ستافروس ديندرينوس أن الحياة لا يمكن أن تكون أسوأ مما هي عليه في هذه اللحظة ومن حين لآخر كان ينظر إلى الصخور المكونة لمجموعة الكهوف الملاصقة للشاطئ شاعرا بالاشمئزاز والمقت لكل شئ.. هاهو ذا يزحف نحو السبعين من عمره دون أن يضيف شيئا أو يعرفه أحد.. في كل مرة يحدث نفس الشئ.. إناء محطم من الخزف أو قطعة بلهاء من تمثال يتيه بها فخرا وسرورا لدقائق ثم يكتشف أن أحدا لا يعبأ بكل هذا.. ما هي الفائدة المرجوة من أن تعرف أن جنديا يونانيا كسر طبقه في هذا المكان أو ذاك منذ ثلاثين قرنا؟!.. الواقع - كما أدركه في هذه اللحظة - أنه أضاع حياته عبثا.. وبرغم احتفاظه بصحة لا بأس بها فإنه كان من أعماقه يشعر أن عمره قد تجاوز المائة بمراحل.. ولم يكن يدري لماذا يستمر في أي شئ.. ومن الذي قرأ كتبه الثلاثة المملة عن(أنماط الخزف في الحضارة الهللينية)؟!.. ثم بعد ذلك يأتي الحر.. الحر اللعين.. شرب كوبا آخر من الماء سرعان ما تحول إلى قطرات عرق على جبينه.. وكان قد ربط رأسه بمنديل كعادته ومن فوق المنديل وضع الكاب الواقي من الشمس فبدا كأحد جنود الحملة الإنجليزية في الهند.. اليوم هو آخر أيام الحفر في هذا الموقع وبعد هذا.. وبعد هذا مقبرة أخرى والمزيد من الأواني الخزفية المحطمة.. وهكذا حتى يأتي اليوم الذي لن يصحو فيه من النوم صباحا وسيقول القس كلمات كثيرة عن(شهيد العلم الذي فارقنا).. وبعدها سينسى الجميع حتى أنه وجد أصلا.. ومن بعيد كان نيكوس قادما يترنح والمعول في يده..
- سيدي.. هناك جدار من الصخر.. صخر هش للغاية وقد حطمت جزءا كبيرا منه هل ستأتي معنا؟!..
- جدار من الصخر؟.. ولماذا بحق السماء؟..
- لا أدري.. المقبرة هي المقبرة.. لكن هذا الحائط يعطي انطباعا ما.. كأنه يعزل شيئا ما عن باقي الكهف..
للحظة تأمل عالم الحفريات العجوز في معنى كلمات العامل.. جدار يعزل شيئا ما عن باقي المقبرة.. غريب.. ولكن ماذا سيسفر عنه كل هذا سوى المزيد من التماثيل المحطمة؟!..
- وبعد سيدي.. هل نستمر؟..
نظر عالم الحفريات إلى ساعته.. إنها الخامسة مساء وبعد قليل سيخيم الظلام.. ربما كان من الحكمة أن يؤجل هذا كله إلى الغد ثم إن هؤلاء البؤساء لم ينالوا قسطا من الراحة من التاسعة صباحا.. نعم.. يستطيع التاريخ اليوناني أن ينتظر ليلة أخرى.. جفف قطرات العرق من فوق زجاج نظارته وغمغم:
- اسمع يا نيكوس.. يمكنك أن تواصل الحفر إذا كان الفضول يتملكك.. لكن لا تجبر أحدا من الرجال على العمل إذا لم يرد ذلك.. إن غدا لناظره قريب..
ثم جفف عرقه وتثاءب وهو يقول:
- أعتقد الآن أنني بحاجة للحمام والنوم.. فليذهب زيوس للجحيم..
ابتسم نيكوس من خلف شاربه الكث وأخرج سيجارة وقال:
- وإذا وجدنا شيئا.. هل نناديك؟!..
- بالطبع.. ولكن ليس لشئ أقل من أجاممنون أشهر أبطال حرب طروادة نفسه..!
واستدار ستافروس متجها إلى كوخه - ومسكنه - وهو يمسك بظهره متوجعا.. في حين عاد نيكوس إلى العمال ليصرفهم.. وعلى حين بدأ الرجال في العودة التفت ستافروس إلى كبير عماله هاتفا:
- نيكوس.. كن حذرا..
************************
وفي كوخه غسل ستافروس وجهه في طبق به بعض الماء وصابونة.. وارتدى نظارته ثم صب لنفسه بعض الأوزو في كأس وشرع يجرع في مرارة.. والمروحة الصدئة تئن ولا تفعل شيئا تقريبا فقد فرغت بطاريتها.. أخرج دفتر مذكراته وقلمه الحبر وأشعل موقد الكيروسين طالبا بعض الضوء حيث إن الظلام كان قد بدأ يزحف وفي الدفتر خط الكلمات التالية:
- آخر يوم في الحفر.. يبدو أن هناك شيئا يستحق الاهتمام.. لقد وجد نيكوس نوعا من الجدار المزدوج في المقبرة.. ويقول إن هذا الجدار يداري شيئا ما.. شيئا حرص من حفروا المقبرة على عزله..
ثم شرع يجرع من الكأس.. منذ شبابه لم يشعر بهذا التوتر الغريب.. شعور غامض يداهمه أن شيئا ما سيحدث.. هذا الشعور لم يداهمه سوى مرة واحدة يوم أن ماتت زوجته في تلك الحادثة الشنيعة.. السيارة.. النيران.. و.. ما هذا؟.. هل سمعت هذه الصرخة؟.. هذه الصرخة المريعة الطويلة القادمة من أعماق الجحيم؟.. كاد قلبه يتوقف عن الخفقان.. ثم إنه هرع لباب الكوخ حيث الغروب قد بدأ يصبغ المرتفعات باللون القرمزي.. لا شك في ذلك.. إن الصرخة قادمة من موقع الحفريات الذي يبعد مائتي متر عن هذا الكوخ.. نيكوس كان يواصل الحفر وحيدا مدفوعا بشغفه لمعرفة ما وراء الجدار.. ماذا حدث؟.. انهيار؟.. ذئب؟.. كلا.. إنها صرخة غير عادية.. حتى الإنسان الذي يلتهمه ذئب في تلذذ لا يجد ضرورة قوية لأن ينهك حنجرته بمثل هذه الصرخة.. لا يوجد في الكون كله حافز يدفعك لأن تصرخ بمثل هذا الشكل.. والآن هناك شئ واحد يمكن عمله.. البندقية والكشاف.. وليهرع ليرى ما حدث وليصمت وجيب قلبه قليلا.. ليس الوقت مناسبا للإصابة بنوبة قلبية.. لقد حدث شئ ما.. وهو الوحيد الذي سمع تلك الصرخة.. وهو الوحيد الذي سيرى ما أصاب هذا التعس نيكوس.. عند بوابة المقبرة أطلق شعاع بطاريته.. لا شئ.. بقايا الحفر وأدوات العمال.. أدخل قدمه بحذر من الفتحة وخطا للداخل.. وشرع يدير شعاع البطارية على النقوش الجدارية المألوفة.. ثم تصلب الشعاع على فتحة بحجم رجل في الجدار المقابل.. هذه هي فتحة الجدار التي اصطنعها نيكوس الأمين ليدخل إلى الغرفة السرية.. ربما منذ دقائق.. اتجه إلى الفتحة وكتم أنفاسه وسلط الشعاع على الداخل.. غرفة خاوية تفوح منها روائح العطن.. تمثال حجري كامل لشخص جاث على ركبة واحدة.. وثمة بعض الدروع الصدئة مبعثرة هنا وهناك.. إذن أين نيكوس؟.. سلط الشعاع على التمثال الحجري متقن الصنع إلى حد غير عادي.. الشارب الكث والقلنسوة.. والوضع الجاثي الذي لم يره في أي تمثال إغريقي من قبل.. ثم.. ولكن مهلا.. شارب وقلنسوة؟!.. وهنا انتصب الشعر في مؤخرة رأسه.. وأعاد تأمل ملامح التمثال.. كلا.. هذا مستحيل.. لقد فهم!.. أن هذا التمثال هو.. هو.. هو نيكوس نفسه!!
بعد أن خرج من المقبرة.. وضع قرصين من النيتروجلسرين تحت لسانه وانتظر حتى هدأ قلبه من رفرفته.. ثم إنه بدأ يستجمع شتات أفكاره التي بعثرها الذعر الحيواني الجارف.. إنه لا يحلم.. والآن لا يوجد في العالم شئ يمكن أن يحول الإنسان إلى حجر.. لا شئ في العالم المادي.. لكن هناك شيئا واحدا في عالم الأساطير.. شيئا واحدا يملك هذه القدرة.. وهو عالم آثار يوناني ويعرف تماما هذا الشئ.. سيعود للكهف ولكن بحذر.. عاد للفتحة في الجدار.. ودلف منها إلى الحجرة الكابوسية.. كان تمثال نيكوس كما قلنا جاثيا على ركبة واحدة يرمق في رعب شيئا ما على الأرض.. شيئا أزاح عنه التراب لتوه.. أغمض ستافروس عينيه في عصبية وجثا على الأرض بين يدي التمثال وتحسس الشئ حتى وجده.. وجه.. أشياء طويلة تخرج حيث ينبغي أن يكون الشعر.. نعم!.. إنه هو.. وفي حذر أخرج كيسا قماشيا سميكا من جيبه ودس فيه الشئ البشع.. ثم فتح عينيه ليجد أمامه وجه التمثال الملئ بالرعب حيث جثا على ركبة واحدة أمامه كأنما يتفحصه.. وفي الكوخ علق ستافروس الكيس بما فيه على مسمار في غرفة النوم ثم عاد مرتجفا إلى مكتبه وخط الكلمات الآتية:
- لقد وجدنا رأس ميدوسا!.. وكلفنا ذلك غاليا.. إن المسكين نيكوس قد فوجئ وهو يحفر في التربة برأس ذلك الكابوس يرمقه.. إن هناك الكثير من الأسئلة وكثيرا من علامات الاستفهام لكن الشئ المؤكد لي هو أنني على أبواب أعظم وأخطر كشف في هذا القرن.. رأس ميدوسا..!
***************************
نعم.. هناك الكثير.. وحين يسلم هذا الرأس لقبضة العلم ليتم تصويره بأشعة جاما.. ودراسة جزيئاته وتحور الكربون فيه.. وتشريحه.. و.. و.. لقد كشف كارتر مقبرة توت عنخ آمون أما هو.. ستافروس ديندرينوس فقد وجد رأس ميدوسا!.. رأس ميدوسا سالما ومحتفظا بلعنته بعد كل هذه القرون.. في نشوة رفع نظارته السميكة على قصبة أنفه.. و.. صوت الخرفشة هذا.. لقد نسي الفئران تماما.. الفئران التي تملأ الكوخ والتي ستجذبها حتما رائحة الشئ شبه المتحلل.. نهض- وقد عزم على أن يضع الكيس في خزانته حتى الصباح-حاملا في يده مصباح الكيروسين.. في غرفة النوم وجد بالفعل الكيس وقد سقط من على المسمار وفأرا يهرع منسلا من فوق عروق الخشب القديمة المبطنة للغرفة بعد أن ضبط متلبسا.. انحنى جوار الفراش ليرفع الكيس وهو يسب.. ووضع المصباح على الأرض.. إن شرود الذهن يحدث للجميع.. وخاصة كبار السن.. وبشكل أخص للعلماء.. لكن شرود الذهن ليس مبررا لهذا الخطأ القاتل.. لقد نسي حذره للحظة.. ربع ثانية لكنها كانت كافية.. كان الكيس قد انفتح عندما أسقطه الفأر.. وهنالك- جوار الفراش- وجد نفسه يحدق في العينين الجهنميتين لميدوسا..!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
7- أسطورة رأس ميدوسا(2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل العاشر
» 7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل الحادي عشر
» 7- أسطورة رأس ميدوسا - خاتمة القصة
» 7- أسطورة رأس ميدوسا - مقدمة القصة
» 7- أسطورة رأس ميدوسا - الفصل الثالث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: