كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل السادس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

8- أسطورة حارس الكهف - الفصل السادس Empty
مُساهمةموضوع: 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل السادس   8- أسطورة حارس الكهف - الفصل السادس Emptyالخميس فبراير 01, 2018 9:16 am

8- أسطورة حارس الكهف - الفصل السادس

6- الكهوف..
ـــــــــــــــــــــــــ
تعالى صوت المؤذن ينادي لصلاة الفجر.. فوقفنا نؤديها فوق الرمال التي بللها الندى في حين شرع البروفيسور يراجع أوراقه وخرائطه.. كانت حالته المعنوية قد تحسنت إلى حد كبير حين عرف أن جبريل -أو جبرين- الذي كان دليل هنري لوت في رحلته الشهيرة سيكون دليله هو أيضا.. وجبرين هو النطق الأوروبي المتعثر لكلمة جبريل.. كما أنه تحريف لكلمة جبارين البربرية التي يسمون بها الجبال.. فرغت من صلاتي مع رجال التبو فاتجهت متثاقلا إلى البروفيسور وجلست جواره على الرمال.. ثم ابتعلت ريقي وسألته:
=بروفيسور.. إذا كان هناك من قام بهذه الرحلة ولم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ودرسها.. فما الذي تعتزم أن نضيفه نحن؟!..
قال الرجل دون أن ينظر لي (لأنه لم يعد يطيق رؤيتي منذ سقطت الطائرة):
- إنني أبحث عن الكهف الذي لم يدخلوه.. عن الحجر الذي لم يقلبوه..
ثم إنه فتح أمامي إحدى الخرائط وأشار بقلمه إلى مجموعة من رسوم الكهف المبسطة وكانت حول أحدها دائرة باللون الأحمر..
- هذا الكهف الصغير التافه مثلا.. لم يحاول أحدهم دخوله لأنهم كانوا غارقين في تدوين ما رأوه بالكهوف الكبرى وكلهم انبهار.. بالإضافة إلى أن مدخله مسدود نتيجة إنهيار قديم..
=وهذا هو الكهف المختار؟..
- لنقل إنه أحد الكهوف المختارة..
كان الفجر ينشر عباءته الدموية فوق الصحراء.. وأنسامه العذبة الباردة قليلا تدغدغ وجوهنا.. حين اتجهنا للجمال وشرعنا نركبها.. وكالعادة.. هأنذا أقذف.. أماما.. خلفا.. أماما.. وأخيرا!!.. على أن الجمل كان متعكر المزاج قلقا إلى حد غير عادي.. وشعرت أنه سيقذفني في أية لحظة.. ولشدة دهشتي لمحت أحد رجال التبو يشعل سيجارة من سجائرهم الملفوفة يدويا ويدسها في منخار الجمل.. أما الأغرب فهو أن الجمل شرع يستنشق الدخان في نهم وبدأ يسترخي قليلا.. قال لي محمود مفسرا:
- إن هذه الجمال مدمنة تدخين.. ولابد لها من سيجارة يوميا.. هذا هو ما يعرفه كل جمّال يجيد عمله..
إن غرائب هذا العالم لا تنتهي.. ويبدو أنني سأظل أراها وأندهش حتى اللحظة التي أغمض فيها عيني للأبد.. على أنني لا أحب كثيرا من يفسد فطرة الله في الحيوانات العجماء على سبيل الدعابة كالكلب الذي يلعق الويسكي والشمبانزي الذي يدخن السيجار والجمل الذي يهوى التبغ.. لكن الوقت ليس مناسبا للانضمام إلى جمعية الرفق بالحيوان.. لقد حان الوقت كي نبدأ مسيرتنا إلى المجهول..
****************************
إنها الحقيقة.. الحقيقة التي ستهب العلم مرونة لا تقاس..
****************************
حين يريد باولو جيرالدي شيئا فإنه يناله.. وليس على الحاضرين إظهار امتعاضهم..!
****************************
لو لم نر ذئابا لشعرت أن هناك خدعة ما..
****************************
أحمد!.. إلى أين أنت ذاهب؟.. يالك من معتوه!.. ستسقط في إحدى الحفر ويتهشم وجهك..
****************************
ها هي ذي الهضبة تستلقي في استرخاء أمام أعيننا.. وها هم التبو أولاء يشيرون لها ويتبادلون الكلام بلهجتهم التي لا نفهمها.. في حين يدور جبارين حولها بجمله في تؤدة.. أصوات الجمال وهي تبرك على الأرض.. ثرثرة الرجال.. عقرب ينسل بعيدا عن أقدامنا باحثا عن مكان أكثر هدوءا.. قال محمود وهو يتحسس موطئ قدميه:
- احترسوا من الأفاعي لأن لدغتها قاتلة..
والواقع أن تحذيره كان في موضعه لأن المكان كان خطيرا حقا.. بشئ من تدقيق البصر تدرك أن تحت كل حجر شيئا ما.. لابد ان تكون هناك أفعى مسترخية ترمقك في كسل.. أو عقرب.. أو سحلية شنيعة المنظر.. أو شئ ما لاتدرك ما هو لكنه حي.. إن الصحراء كابوس حقيقي.. أنشودة الجفاف والخشونة والقسوة.. وكل ما يحيا فيها هو جاف خشن قاس.. حتى هؤلاء التبو المهذبون.. كنا قد وصلنا إلى مجموعة من الكهوف الصخرية المنحوتة بفعل الطبيعة في جسم الهضبة وكان جبريل يتفقدها بعين خبيرة وفتور كأنها صديق قديم لا يثير اهتمامه.. أما البروفيسور فقد بدأت أشعر بالقلق من تدهور حالته العقلية.. كان يصرخ ويرقص.. ويحدث الجميع بالإيطالية التي لا يفهمها سوى محمود.. كان انبهاره يفوق الوصف خاصة حين رأى علامات محفورة على مداخل الكهوف.. علامات رسمها من سبقونا.. رجال هنري لوت ورجال الرحالة برينان.. استعد البروفيسور ليدخل الكهف الأول لكن جبريل الحاذق أوقفه في حزم.. وأمسك بحجر.. وطوح ذراعه ليلقيه في الداخل.. سمعنا صوت شئ يتحرك ثم ساد الصمت.. قال محمود:
- إنه حذر.. يريد التأكد من إبعاد الأفاعي.. وهذا حقه بلا شك..
وظهر مشعل أو اثنان.. وبدأنا التقدم داخل الكهف في بطء شديد.. ظلالنا تسبقنا وتتبعنا.. ورائحة القدم والرطوبة تفعم أنوفنا.. مسيرة رهيبة لبقعة من النور المتراقص بين جدران الكهف.. إن أي شبح يسكن هذا المكان كان سيموت ذعرا لو رآنا..
=لا أرى شيئا.. أين هذه النقوش؟..
قال البروفيسور وهو يرفع ضوء بطاريته إلى أعلى:
- إنها في كل مكان.. ألا تراها؟!..
**********************
هي لغز الألغاز.. سر الأسرار.. المرآة المسحورة التي تقودنا إلى عالم آخر له مقاييس مختلفة..
************************
منذ مائتي قرن كانت هناك حضارة يعرف أهلها معنى الرسم..!
************************
شرع البروفيسور يئن.. يئن كمن يتلوى في الجحيم.. العرق يغمر جبينه وكل جوارحه ترتجف.. وعلى ضوء البطارية والمشاعل كنا نرى أغرب ملحمة رآها ورسمها إنسان.. هل ترى معي هذه الأجساد الطائرة الملتحمة المتشابكة؟.. رجالا يجرون نحو أجسام أسطوانية غامضة.. ورجالا كأنهم يرتدون خوذات لامعة وثيابا فضفاضة.. نساء شقراوات ضخام الأجساد يطرن ويرمقهن في دهشة بشر سود ضئيلو الحجم.. وهذا؟.. هذا رأس يخرج منه قرنا استشعار.. الضوء يتراقص على الرسوم التي توشك أن تتحرك.. بل هي تتحرك.. أما هذا.. لأعلى قليلا.. لأعلى.. يمينا.. نعم!.. هوذا.. كأنهم رجال يرتدون زعانف الضفادع البشرية.. ألا ترى ذلك؟.. أي خيال محموم وقف هنا منذ مائتي قرن كي يسكب على هذا الجدار الصخري أسراره المجنونة؟.. أية عبقرية في فجر التاريخ آثرت أن تترك الرمح كي ترسم؟.. ولأي غرض؟.. إن هذه النقوش رائعة الجمال لكنها في رأيي لا تحمل من أسرار الكون أكثر مما تحمله خطوط طفل جامح الخيال على هوامش كتبه المدرسية!.. همس محمود في أذني محاولا ألا يفسد جو الرهبة العام:
- ما رأيك؟..
تأكدت أن البروفيسور لن يسمع نبرة اللامبالاة في صوتي وقلت:
=عبقري..!
- لا أتحدث عن جودة الصور.. ولكن أتحدث عن معناها..
=هل تريد معنى لا وجود له؟.. إن الأمر كله لا يزيد على رجل كهف يجيد الرسم..
- ما زلت مصرا؟..
=بالطبع..
في هذه اللحظة كان البروفيسور قد أخرج كاميرا ذات فلاش وشرع يلتقط عشرات الصور لهذه الرسوم الحائطية.. حوالي خمسة آلاف رسم صغير حاول أن يلخصها في فيلمين أو ثلاثة.. ولاحظت في خبث أنه نسي أن يزيل غطاء العدسة مما جعلني أشعر ببهجة وحشية.. لن ألفت نظره لهذا خاصة وأنه كان قد انتهى بالفعل من تدمير أفلامه الثلاثة حين لاحظت ذلك.. إلا أنني بعد دقائق شعرت بوخز في ضميري.. فأشرت إلى العدسة بكياسة.. أطلق سبة إيطالية وشرع يعيد تعبئة الأفلام التي لابد أنها ظلت خاما ويصور المشاهد مرة أخرى.. بعد ساعة بدأ الملل يقتلني.. اختلست نظرة إلى رجال التبو فوجدتهم يقفون ساكنين كالصخر وعلى وجوههم أمارات عدم المبالاة.. إن الأمر بالنسبة لهم لا يتجاوز القيام بمهمة روتينية قاموا بها مرارا.. وهم مثلي لا يرون أية روعة في هذه الرسوم سوى أنها تجذب العلماء المخبولين الذين يدفعون أغلى الأثمان.. والآن نترك هذا الكهف الممل لندخل كهفا آخر.. ونترك ذلك الكهف الممل إلى كهف أكثر إملالا.. لم أعد أتحمل.. إن هذه المشاهد المكررة تتداخل في ذهني تماما.. وكلها تتشابه ولا تثير اهتمامي.. والبروفيسور يزداد حماسا وجنونا.. والتبو يزدادون لا مبالاة.. وأحمد يزداد إرهاقا.. إلا أننا فرغنا أخيرا من أكثرها.. حتى وصلنا إلى الكهف الصغير الذي لم يدخله أحد.. الكهف الذي سدت فتحته بصخرتين كبيرتين.. تقدم البروفيسور وطفق يتفحص الصخرتين في فضول.. ونظر للرجال مستفهما كأنه يطلب العون..
- لا!..
قالها كريم في صرامة وحزم بشكل لا يدع مجالا للمزيد من الإلحاح أو الأسئلة.. إن لديهم سببا قويا يمنعهم من تركنا أو مساعدتنا لنحرك هذه الصخور..
- ولكن هذا الكهف..
- لا..
- لقد دفعت أجركم كي..
- لا..
قالها كريم وهو يبتعد معلنا انتهاء كشوف هذا اليوم ولم يكن في وسعنا سوى أن نمضي خلفه مبتلعين أسئلتنا..
***********************
كان الليل قد حل والرؤية قد غدت عسيرة نوعا.. الموجودات قد بردت مكتسية بذلك اللون الأزرق الغامض حين جلسنا حول النار نلتهم الخبز واللبن الرائب والتمر.. كنت قد خلعت حذائي فأخذت أصابعي ترقص رقصة الألم.. كأن جريان الدم فيها يمزقها والانتفاخ يتزايد.. أما البروفيسور فلم يخلع حذاءه.. ولم يأكل.. فقط عيناه الزرقاوان تلتمعان في ضوء اللهب تحت وطأة فكرة مجنونة تحاصره.. ظهرت آلة وترية عجيبة تشبه كمانا ذا وتر واحد أو ربابة أمسك بها واحد من الرجال وبدأ يعزف.. فهمست في أذن محمود:
=حتى هؤلاء لهم موسيقا؟..
- ولم لا؟.. أليسوا بشرا؟.. هل قابلت في حياتك وأسفارك بشرا لا يعزفون ويغنون حين اجتماعهم حول النار ليلا؟..
=وهذه الآلة؟.. إنها تشبه الربابة في ريف مصر..
- اسمها الأمزد.. وستسمع منها عجبا..
بالفعل بدأ الرجل يغني بصوت رخيم وبلهجة لا أفهمها.. أغنية حزينة تتحدث بالتأكيد عن الوحدة.. عن حب ضائع وحبيبة قاسية.. عن الصحراء.. عن ديار الأحباب.. عن كل شئ حزين يعتمل في صدرك ولا تجد الجرأة كي تفصح عنه حتى لنفسك.. إنهما دمعتان.. نعم.. دمعتان تنحدران على خدي من هذه الأغنية البربرية التي أسمعها في الصحراء بهذه الكمان الكسيحة.. وبين دموعي شعرت بالبروفيسور يميل عليّ ليفسد كل شئ:
- الصخرتان..
=مالهما؟.. أي صخرتين؟..
- الصخرتان على باب الكهف.. لم يكن انهيارا جيولوجيا بل وضعهما إنسان عنوة ليسد المدخل..
=ولماذا يفعل ذلك؟..
- ثمة شئ لا يريد لنا أن نعرفه أو شئ لا يريد له أن يخرج.. لهذا ينبغي أن نعرف كنه هذا الشئ..
وتقلص وجهه في تصميم:
- يجب أن ندخل هذا الكهف.. الليلة..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
8- أسطورة حارس الكهف - الفصل السادس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الأول
» 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الثاني
» 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الثالث
» 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الرابع
» 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الخامس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: