كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الرابع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الرابع Empty
مُساهمةموضوع: 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الرابع   8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الرابع Emptyالخميس فبراير 01, 2018 9:14 am

8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الرابع

4- بحر الرمال..
ــــــــــــــــــــــــ
لو كان هذا فيلما سينمائيا كان هذا المشهد عبارة عن حشد من اللقطات السريعة المتلاحقة التي لا تزيد الواحدة منها على ربع ثانية يقوم بلصقها مونتير موهوب ثم يضيف إليها شريط صوت حافلا بالصراخ والبكاء والعويل.. ولا بأس من موسيقا تصويرية سريعة توحي بالنهاية.. ستكون اللقطات كما يلي.. محرك متوقف.. طائرة تنحدر بسرعة لأسفل.. شفتان ترددان الشهادة.. عينان زرقاوان متسعتان.. يد تجذب عصا التحكم في هستيريا.. العرق على جبيني.. الصحراء تقترب أكثر.. طائرة تنحدر.. يد تجذب عصا التحكم في قوة مجنونة.. يد طفولية دقيقة تحاول التشبث بزجاج النافذة دون جدوى.. نظارة تتطاير.. ثم تزداد سرعة الإيقاع.. وتقصر اللقطات.. يد.. عصا.. طائرة.. عينان.. صحراء.. محرك.. ثم شخص أصلع يبحث جاهدا عن نظارته التي انزلقت من على وجهه (أنا طبعا).. ثم الرمال تتناثر في وجه المشاهد.. وتظلم الشاشة.. هذا هو ما كان سيراه المشاهد لو أن هذا فيلم سينمائي.. أما والأمر حقيقة فإنني أكتفي بالقول إن الطائرة سقطت.. وقد نجح الطيار في الهبوط بها بشكل شبه أفقي لهذا لم تكن الخسائر فادحة.. وتكفلت الرمال بدفن نصف الطائرة داخلها مما امتص الصدمة إلى حد كبير.. لقد نجونا.. ولكن ماذا بعد ذلك؟..
*******************
بعد نصف ساعة استطعنا مغادرة جسم الطائرة بعد أن أزلنا أطنان الرمال الجاثمة خلف بابيها.. كان البروفيسور يغلي غضبا.. وصاح في وجهي وهو ينفض ذرات الرمال عن ثيابه:
- هل رأيت أيها المنحوس؟.. لولا تشاؤمك لما حدث شئ..
قلت في برود:
=بالعكس.. إن المتشائم يتوقع الشر فيجده أو يجد ما هو أفضل وبالتالي هو يحتاط لكل شئ ولا يؤمن بالحظ.. أما المتفائل فهو يتوقع الخير دائما وهذا شئ عسير ولهذا يجد المتشائم في كل وضع سيئ ما هو أفضل من توقعاته..
- وما هو الأفضل من توقعاتك هذه المرة أيها الفيلسوف؟..
شرعت أفكر هنيهة ثم قلت:
- لا أدري.. على كل حال لم يصب أحدنا في هذه السقطة وهذه نقطة في صالحنا.. يجب أن نكون بكامل لياقتنا حين تهاجمنا الذئاب..
- ذئاب؟!..
=طبعا.. هذا شئ حتمي.. لو لم تر ذئابا لشعرت أن هناك خدعة ما.. ولابد كذلك من الظمأ.. وبعض السراب..
أعتقد أن القارئ يستطيع أن يخمن ما قاله البروفيسور وقتها.. كل هذه الشتائم الإيطالية المشينة التي لا أعرفها لحسن الحظ.. وإن كنت قد استنتجت معناها من احمرار أذني محمود.. أما الأذن الأكثر احمرارا فكانت أذن الطيار أحمد وهو يخرج من بين كثبان الرمل نادما على ذنب لم يقترفه.. ياله من مأزق!.. أين نحن؟.. وكيف سنعود؟..
قال محمود وهو يمعن النظر في البوصلة:
- لا شك أننا قرب نمات الآن.. وهذا يعني أننا وصلنا تقريبا.. كل ما علينا أن نجد السير..
قال البروفيسور في جدية:
- في أي اتجاه؟..
- بالتأكيد في الاتجاه الجنوبي الغربي.. هذا هو اتجاه الحدود وربما الهضبة.. ولربما قابلنا قافلة في أحد المدقات..
قلت وأنا أجلس على الرمال الساخنة:
=سيكون من الخطر أن نترك الطائرة.. ففيها الظل والمأوى..
نظر لي محمود نظرة باردة ودمدم:
- هل تحب أن تظل هنا حتى تجفف الشمس عظامك؟.. لا أحد يعرف مكاننا.. ولن يبحثوا عنا..
وهكذا شرعنا نخرج ما بالطائرة من مؤن وسلاح وماء.. لا تنسوا الماء!.. فلن نلبث يوما حتى تصير القطرة منه أغلى من الجواهر.. ثم إنني حملت سجائري.. وشرعنا نجد السير فوق الرمال.. ما أقبح الصحراء..
ذلك المشهد الرتيب الذي لا يتغير لرمال وجبال قصية ونباتات صبار.. والرمال ليست صفراء زاهية كما تبدو في الصور بل هي ذات لون رمادي متجهم.. وكلما دنوت من الجبال البادية في الأفق بدأت تدرك أنها ليست جبالا بل هي مجرد مرتفعات رملية تمشي فوقها وترى في الأفق جبالا جديدة.. الهباء.. العبث.. هذا هو ما تعنيه الصحراء لي.. الشمس عمودية تملأ عينيك بالكرات الملونة حين ترفعهما لأعلى.. وعلى الرمال تتناثر مئات الشموس.. آلاف.. ملايين.. كلها تصب أشعتها عليك.. وقدماك تغوصان.. تغوصان.. وجلدك يلتهب دون عرق.. و.. وسقطت على الأرض صارخا:
=لم أعد أستطيع الاستمرار.. اتركوني أموت واذهبوا..
اقترب مني البروفيسور محنقا وسألني:
- قل لي.. ألا تجد غريبا أن تصاب بكل هذا بعد ساعتين فحسب؟!..
ساعتين؟.. فقط ساعتين؟.. ظننت أننا نمشي منذ ثلاثة أيام!.. ياللهول!.. إذن لم يزل أمامي الكثير من هذا العذاب قبل أن أموت.. قال البروفيسور وهو يناولني الزمزمية:
- إنني أفهم أمثالك من ضعاف النفوس.. ما إن تسقط في الصحراء حتى تظن بعد ثلاث دقائق أن من واجبك أن تموت جوعا وظمأ وإرهاقا.. لكن دعني أؤكد لك أنني أفهم كل هذه الألاعيب النفسية.. فلا تعابثني!..
شرعت أجرع الماء شاعرا أنني أعيش أتعس ساعات حياتي.. كان البروفيسور في حالة نفسية لا بأس بها.. وعرفت فيما بعد أنه حارب في طبرق يوما ما إبان الحرب العالمية الثانية فلم تكن الصحراء قادرة على إرهابه أو إنهاكه.. كان يمشي فخورا منتشيا يتقدم مسيرتنا.. وخلفه محمود وأحمد ثم أنا مثال البؤس والتعاسة.. إن لون الرمال يتغير بشكل واضح.. توقف محمود للحظة مفكرا ثم إنه نادى البروفيسور طالبا منه ألا يتقدم أكثر.. والتقط حجرا ثقيلا على الأرض ورمى به إلى مسافة خمسة عشر مترا.. وعلى الفور اختفى الحجر!.. إذن هي رمال متحركة كأن هذا كان ينقصنا..
- إن سطح الرمال المتحركة يكون أكثر انتظاما ونعومة من الرمال المحيطة به.. ويسهل على العين المتشككة أن تجدها..
صاح البروفيسور في عصبية:
- لكن هذا خطير جدا.. يجب أن ندور حول هذه المنطقة..
عض محمود شفته السفلى التي بدأت تتقرح..وقال:
-لا داعي لهذا.. يمكننا أن نمشي في حذر مدربين عيوننا على تجنب الرمال الناعمة أكثر من اللازم.. سنسير في صف رباعي حتى لا يسقط أحدنا دون أن يدري به الآخرون..
ثم رفع إصبعه محذرا:
- وليتذكر كل من يسقط في هذه الرمال المخلخلة أن عليه ألا يحاول الصعود في حركات هستيرية تزيده غوصا.. فقط يحاول أن يطفو على ظهره ويسترخي تماما حتى ننقذه..
قال البروفيسور مؤمنا:
- إن هذه الرمال كالماء تماما.. من يحاول أن يقف فيه يهبط لأسفل أما من يحاول أن يستلقي على ظهره فيظل طافيا.. كأنها سباحة عادية..
=هذا شئ مطمئن لأنني لا أجيد السباحة!..
كانت هذه هي كلمتي التي أثارت جوا عاما من الوجوم.. ولم يرد أحد وبدأوا يتحركون ببطء وحذر فوق الرمال ومعهم مضيت.. لو لم تكن البوصلة معنا لقلت إننا ندور في دوائر مفرغة.. أكاد أقسم أنني رأيت هذه المجموعة من نباتات الصبار عشرين مرة منذ فارقنا الطائرة!.. وفجأة لمحنا مشهدا نراه للمرة الأولى.. إنها طائرة.. طائرة ذات محرك واحد ومن طراز عتيق جدا.. كانت واقفة على مقدمتها مدفونة في الرمال إلى نصفها.. وجناح من جناحيها مهشما تماما وكل جسمها من المعدن الصدئ المحترق.. إنها طائرة حربية سقطت براكبها البائس منذ عشرات السنوات ووجدناها نحن..
- إنها إيطالية..
هكذا هتف البروفيسور وهو يجري ليعاينها.. وشرع يدور حولها متأملا ومتحسسا المعدن المتآكل في حنان حقيقي:
- لابد أنها سقطت هنا منذ أربعين عاما.. فهذا هو طراز الطائرات المميز لهذه الحقبة.. أية روعة!..
قال محمود في فتور وقد بدا عليه الحنق:
- بالطبع سقط هذا السفاح قبل أو بعد غارة على الآمنين من أهل وطني في فزان.. لقد نال جزاءه..
امتقع وجه البروفيسور وبدا لنا أنه موشك على الانفجار:
- أيها الشاب.. لقد كان هذا البائس جنديا ولم يفعل سوى ما أمر به.. أنا نفسي حاربتكم لأن الدوتشي أمرني بذلك..!
- لقد ذبح مواطنوك أطفالنا.. ولا أستطيع أن أتصور أن موسوليني قد نادى جنرالاته إلى مكتبه وأمرهم أن يذبحوا الأطفال.. هم فعلوا ذلك لأنهم أرادوا أن يفعلوه.. ثم تجد الواحد منهم بعد الحرب يقول في براءة عذبة: لا تلوموني.. أنا جندي.. لقد فعلت ما أمروني به!..
لم يرد البروفيسور وشرع يدور حول الطائرة في افتتان.. ومن بين أسنانه كان يدندن لحنا حماسيا بالإيطالية.. واضح طبعا أنه نشيد كان الفاشيست يرددونه في أيام الحرب عن مجد روما وما إلى هذا الهراء.. ثم هتف بكلمات لم أفهمها رافعا كفه إلى السماء.. هذا الرجل مخبول تماما.. ربما أكثر مما تصورنا.. والمفزع أننا معه في قارب واحد.. إن هذه الرحلة لن تمر على خير.. أعرف هذا وأشعر به وأنتظره في هلع.. لقد بدأ الليل يزحف..
********************
بعد ثلاث ساعات: ها نحن أولاء جالسون حول النار المشتعلة التي أشعلها أحمد نتبادل النظرات.. وظلالنا ترتمي خلفنا فوق الرمال.. لا صوت هنالك سوى فرقعة الأخشاب وأنفاسنا.. وفي يد كل واحد منا قطعة من اللحم المقدد يلوكها بصعوبة.. الليل البهيم - ليل الصحراء - يرتمي بثقله فوق الرمال وفوق أرواحنا.. البروفيسور يداعب ألسنة اللهب بعصا في يده.. وأحمد يميل برأسه على صدره.. وأنا غارق في خواطري السوداء.. حين.. هل سمعتم؟!.. ها هو ذا العواء الطويل الحزين تتردد أصداؤه عبر الصحراء.. ثم ترد عليه عشرات الأصوات المماثلة.. ها هو ذا أسوأ كوابيسي يتحقق.. إنها الذئاب.. لم يبد على واحد من رفاقي أنه سمع ما سمعت.. ولم تتغير جلسة أحدهم أو تعبيرات وجهه.. إلا أن أحمد مد يده إلى بندقية وشرع يجرب تركيب إبرتها.. ثم تنهد ورفع رأسه.. وتمضي الدقائق بطيئة.. لابد أن الساعة كانت تدنو من منتصف الليل حين رأينا أول الذئاب.. في ضوء اللهب البعيد كانت عيناه تلتمعان كجمرتين وهو يدور حولنا في فضول مرارا وتكرارا.. لابد أنه زعيمهم يحاول معرفة ما هنالك.. التقط البروفيسور قطعة من الخشب الملتهب وقذفها تجاه ذلك الزائر غير المرغوب فيه لكنها لم تصبه.. فقط نجحت في إبعاده بضعة أمتار.. ثم إن محمود أشار إلى نقطة ما خلف ظهري:
- هناك آخرون..
وثبت كالملسوع لأرى ستة أو ثمانية عيون ملتهبة تقف على مسافة عشرة أمتار مني إلا أن صوت محمود عاد ينهرني:
- لا تجر.. اجلس كما أنت.. إن الحركات العصبية السريعة تستفزها.. وهي لن تهاجم فردا في جماعة أبدا..
=أعرف ذلك.. ولكن هل تعرفه هي أيضا؟!..
كان واضحا أن الذئاب لم تسمع بهذه المعلومة من قبل.. إذ أن أحدها اقترب في تؤدة ورائحة أنفاسه العفنة تفعم أنفي.. ثم حنى رأسه وعيناه الرماديتان الجهنميتان لا تفارقانني.. وأطبق على كم قميصي وشرع يجذبه.. لم أتحرك في البداية حتى لا أستفزه.. ثم عدلت عن ذلك.. شرعت أحاول تحرير كمي من هذين المنجلين الحديديين دون جدوى.. فقط ازداد زئيره.. وهنا أدركت أنني في مأزق.. مأزق حقيقي..
إنه يجرني معه خارج دائرة اللهب!..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الرابع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الثامن
» 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل التاسع
» 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل العاشر
» 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الحادي عشر
» 8- أسطورة حارس الكهف - الفصل الأول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: