كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 أسطورة آكل البشر (9)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

أسطورة آكل البشر (9) Empty
مُساهمةموضوع: أسطورة آكل البشر (9)   أسطورة آكل البشر (9) Emptyالأربعاء يناير 31, 2018 6:01 am

9- المواجهة..
ــــــــــــــــــــــــــ
في الخامسة عصرا كنت قد انتهيت من غذائي حين دق جرس الباب.. كنت لم أدفع إيجار الشهر بعد ولذا توقعت أنه البواب.. ذهبت لغرفة النوم وأخذت ثلاثة جنيهات من جيب جاكت البذلة ثم اتجهت إلى الباب وفتحته.. كان طارق الباب هو عزت.. كان يقف على الباب في رزانة وابتسامة ما تتلاعب على شفتيه.. وأنفه متورم من جراء لكمة الأمس وقد دس في فتحتيه قطعتين من الشاش وكانت يداه في جيبه.. لم يكن منفرا إلى هذا الحد لكني كنت أخشاه كثيرا.. لم أتوقع أن يزورني عصرا..
-هل تسمح لي بالدخول؟!..
لم أدر ما أقول.. إنني لم أرفض دخوله قط فلا داعي لإثارة ريبته في هذه الظروف بالذات.. أشرت برأسي له أن ادخل.. فدخل في تؤدة وهو يرمقني بنظرة حادة ثابتة..
- هل كنت تأكل؟!..
=لا..
- على كل حال لن أضيع وقتك.. إن حياة العزاب هذه..
ومد يده في جيبه - أعني أخرجها - ليريني شيئا ما..
- هل هذا يخصك؟!..
كان كفه مفتوحا وفيه بطارية.. البطارية التي كنت أحملها معي حين دخلت شقته بالأمس.. البطارية التي نسيتها في الحمام حين اختبأت به ثم فررت من الشقة ناسيا كل شئ عنها.. والآن.. سأكذب كذبة صغيرة لكنه لن يصدقها.. فتحت فمي فقال بصرامة:
- لا تكذب.. أنا أعرفها جيدا.. لقد تأملتها وأدرتها في كفي في زيارتي الأولى لك وكانت موجودة على مائدة غرفة الجلوس.. والسبب هو أنني لم أر مثلها أبدا.. إنني لم أر من قبل بطارية مصنوعة في رومانيا..
=أنا..أنا..
- هكذا.. اتضح لي كل شئ..
ثم نظر في عيني في ثبات وهمس من بين أسنانه:
- والآن هل تتفضل بالإيضاح؟.. ما السبب الذي دعاك للتسلل إلى شقتي ليلة أمس؟.. ولماذا حاولت قتلي وكدت تكسر أنفي؟!..
ولمحت يده اليسرى تخرج من جيبه وفيها مطواة قبيحة الشكل شهرها في وجهي وهو يقول:
- تكلم..
لقد انتهى زمن الأقنعة.. ولم يعد لديه سبب للتظاهر بالمودة ولم يعد لدي وقت للتظاهر بالسذاجة.. إنه يعرف أنني أعرف أنه يعرف!.. ولم يعد أمامي إذن سوى الصراخ.. والصراخ فقط.. لكني سأؤجل ذلك حتى آخر لحظة.. قلت له في هستيريا:
=ابتعد عني يا آكل البشر!..
- ما هذا الهراء؟!..
=اسمع يا صديقي.. أنت في مأزق.. إن كتيبة كاملة من رجال الشرطة تحاصر البيت.. وهم على استعداد لتمزيقك بمجرد سماع صرخة مني.. صرخة واحدة.. والآن ناولني هذا السلاح قبل أن يؤذي أحدا..
علامات دهشة حقيقية على وجهه وتساءل:
- ما هذا السخف؟.. أي رجال بوليس.. وأي..
هل عيناي تخدعانني أم أنه يرتجف؟.. يرتجف وقطرات عرق بارد تسيل على وجنتيه.. عيناه زائغتان.. شفتاه ترتعشان.. ثم.. تهاوى على الأرض كما يموت الثور في نهاية مباريات المصارعة الأسبانية بعد ما تدميه جروحه.. وكان أول شئ فعلته هو أنني أخذت المطواة من قبضته المتراخية.. ثم بدأت أفحصه.. إن هذا الفتى مريض حقيقة ولا يدّعي شيئا.. ولكن ماذا دهاه؟.. النبض المتسارع.. العرق البارد.. الضعف العام.. لا أعرف سببا لكل هذا لكني لن أتركه يموت كالكلب العقور أمامي حتى ولو كان آكل لحم البشر.. سارعت إلى جهاز ضغط الدم الخاص بي ولففته حول ذراعه وبدأت أنصت.. لكن.. لابد أن هذا الفتى يمزح معي.. من المستحيل أن هذا هو ضغط دمه الحقيقي.. ولمحت شفتيه ترتجفان وهو يهمس في ضعف:
- أسرع..!..كـ..كورت..كورتيزو..
حسنا.. إن هذا الوحش يعرف ما يناسبه من علاج ولئن كان قراري صائبا أو متهورا فإن عندي أمبولين من الكورتيزون ومحقنا زجاجيا.. لن يتسع الوقت لغليه.. على كل حال هو لم يُستعمل بعد.. وهكذا كسرت الأمبولين وملأت المحقن وأفرغته في وريده.. لقد بدأ يتحسن لا شك في هذا.. ولا أدري إن كان هذا من حسن حظه أم من سوء حظي.. على أن لدي نظرية معقولة عن حقيقة ما يحدث أمامي لا ينقصها سوى البرهان الذي سيقدمه لي هذا التعس عندما يفيق تماما.. الآن نحن جالسان على مائدة الطعام نتبادل النظرات.. هو على طرف المائدة ينظر إليّ في خمول وضعف وهو يرتجف.. وأنا على الطرف الآخر ألوح بالمسدس في يدي وأنا أرمقه في شك وتوتر.. ربع ساعة مر علينا في هذا الوضع..
=والآن؟..
قلتها في صوت حاولت أن أجعله قاسيا.. فلم يرد عليّ وأطرق..
=أنت مصاب بفشل الغدة فوق الكلوية أو ما يسمونه (مرض أديسون)..أليس كذلك؟..
- بلى.. هذا هو الاسم الذي قالوه لي..
قالها وهو يرفع وجهه نحوي في دهشة.. فقلت:
=وأنت لا تتحمل أي نوع من الجهد العصبي أو البدني ومصاب بإسهال؟..
- نعم..بالفعل..
=إن هذا يفسر الكثير..إن مرض أديسون ينجم عن عدم قدرة الغدة فوق الكلوية على إفراز مادة الكورتيزون.. والنتيجة.. هزال شديد.. ضعف عام.. انخفاض مريع في ضغط الدم.. خشونة غير عادية في الكفين ثم ذلك اللون الأسمر الغريب الذي أثار ريبتي ودهشتي.. إن حالتك الآن واضحة وعلاجها الوحيد هو الكورتيزون وأنت تعرف ذلك خيرا مني.. لكنه علاج يستمر مدى الحياة.. وأعتقد أن رغبتك في التوابل لها علاقة ما بمرضك؟..
نظر إلى كفه في شرود وقال:
- إنها تلك الرغبة المجنونة إلى الملح!.. أحيانا تصيبني حتى أكاد أجن!..
قلت في ثقة وأنا أضع المسدس على المائدة في متناول يدي:
=هذا بسبب احتياج جسمك إلى الصوديوم.. المادة التي يفتقر إليها في مرض أديسون هذا.. ولعل ذلك هو سبب عدم تحمل معدتك لطعم الحلوى.. وأظن أن هذا المرض سبب اكتئابك وانعزالك وغرابة أطوارك لأن له أيضا جانبه النفساني..
هز رأسه مؤيدا في ضيق.. بعد فترة صمت قصيرة قلت له وأنا أشعل سيجارة:
=والآن هناك أشياء معينة لا أفهمها.. لماذا استقلت من عملك بعد حادث الطائرة؟.. ولماذا غيرت اسمك وسكنك؟..
نظر إليّ في ذهول..وهتف:
- كيف عرفت؟!..
=أنا أعرف كل شئ عنك تقريبا.. والآن أجب عن سؤالي..
رفع رأسه للسقف.. وتنهد:
- كانت أعراض المرض قد ظهرت عليّ.. تغيرت ملامحي وطباعي.. ولم أرد أن أرى علامات الرعب أو الشفقة على وجوه من أحببت ولم أرد أن أؤذيهم بيدي أو بلساني.. لهذا تركت عالمي إلى أرض أخرى لا تعرف اسمي أو وجهي.. واستبدلت معاشي وبعت قطعة أرض صغيرة أعيش من ثمنها حتى اليوم.. ولهذا تجنبت كل جيراني..
=سؤال آخر.. ماذا كنت تأكل في الصحراء قبل أن ينقذوك؟!..
بدت علامات الاشمئزاز على وجهه.. وهمس:
- أي شئ.. فئران.. أفاعي.. سحالي.. أما زملائي فكانوا قد ماتوا وتكفلت بهم الذئاب.. كنت أعرف قواعد التغذية السليمة من أيام (فرق الصاعقة) لهذا احتفظت بكامل صحتي..
=آه!.. جزء آخر من لغزك يتضح لي..
- لحظة!..بأي حق تستجوبني؟!..
مددت يدي للمسدس ورفعته نحوه:
=لأني أنا الذي أمسك المسدس ولو كنت أنت الذي تمسكه لكان من حقك أن تعرف كل شئ عني..!!..سؤال آخر: كيف جئت بقطرات المطر في تلك الليلة ولم تكن تمطر؟!..
- أنا لم أقل لحظة أنه مطر.. كنت أحاول إصلاح الدش.. وأنت تعرف مشاكلي الأبدية مع السباكة في شقتي..
ألقيت السيجارة على الأرض محاولا أن أبدو مرعبا.. وقلت:
=لم يزل لدي المزيد من الأسئلة.. كيف تفسر العظام التي ترمي بها في المنور.. ونزهاتك الليلية الغامضة؟.. ثم وقبل كل شئ الأجزاء البشرية الممزقة التي تملأ شقتك؟.. غرفة النوم..المطبخ.. بانيو الحمام..
نظر إلي في حدة وغمغم وقد تصلبت قبضتاه:
- منذ متى يسأل اللص صاحب البيت عن تفسير لمحتويات بيته؟!..
نهضت في عصبية حقيقية.. وركلت الكرسي:
=ألم تفهم أيها السفاح أنك قد انتهيت؟.. إن رجال الشرطة يعرفون كل شئ عنك.. إن قتيل الاسكندرية هو آخر لحم بشري تذوقه في حياتك!..
- لحم بشري؟..أذوقه؟..
وأخذ يتفكر في كلامي قليلا.. ثم انفجر ضاحكا.. ضاحكا يستمع إلى كلامي وأسئلتي واتهاماتي.. ضاحكا يلتقط أنفاسه ثم إنه نهض غير عابئ بمسدسي وأمسك بذراعي.. وفي رفق - كأنه يأخذ طفلا إلى الملاهي- دعاني ان أصطحبه إلى شقته فقلت متراجعا للوراء..
=سر أمامي أولا..
وفي شقته الكئيبة دعاني إلى المطبخ.. وفتح الثلاجة وأخرج تلك القطعة الآدمية الممزقة.. ودعاني أن ألمسها.. ترددت.. لكنه أصر.. ومد إصبعه يضغط بها على إحداها.. أمام عيني المذهولتين لمحت أثر إصبعه واضحا غائرا في اللحم!..
- هل ترى؟.. هذا صلصال!.. كل القطع التي رأيتها أمس كانت قوالب صلصالية.. بروفات تماثيل أكبر حجما.. إنني أمارس النحت على نطاق واسع.. وأعتقد أنك -على ضوء البطارية والرعب المسيطر عليك- فقدت القدرة على التمييز..
انتابني الذهول.. لكني كنت مصمما على التأكد حتى آخر قطعة صلصال وجدتها في حوض الحمام.. لم يكن ثمة شك في هذا.. كلها قطع بريئة تم تشكيلها ببراعة فائقة ودقة تشريحية متناهية!.. ولأول مرة - منذ ساعة - لم أجد داعيا للمسدس فوضعته في جيبي وسألته وقد فقدت أكثر عدائيتي إن لم يكن كلها..
=والعظام؟..هل لديك تفسير لها؟!..
ابتسم في رقة..وجلس على حافة البانيو قائلا في شرود:
- لقد فقدت جذوري وأصدقائي وأصبت بمرض عضال.. لهذا في وحدتي قررت أن أعيد تشكيل ذاتي.. لقد أردت دائما أن أكون فنانا عبقريا مثل أوجست رودان.. هل تعرفه؟..
=لا..
- إنه مثال فرنسي عبقري لابد على الأقل أنك رأيت تمثاله المفكر..
وهناك - حيث جلس على حافة البانيو - وضع قبضة يده تحت ذقنه وقطب جبينه محاكيا ذلك التمثال الشهير الذي أعرفه طبعا..
- لقد بلغ رودان من دقة المحاكاة التشريحية أنهم اتهموه بأنه يصب تماثيله من البرونز فوق نماذج بشرية حقيقية.. واتهموه بأنه يضع عظاما بشرية لتشكل هيكلا لتماثيله.. وكنت أعرف أنهم جميعا - مايكل أنجلو ورودان ومختار- درسوا التشريح بعناية قبل أن يدرسوا النحت.. لهذا قررت أن أبدأ مثلهم.. حصلت على هذه العظام من أحد طلبة الطب الشرعي وشرعت أدرسها.. لكني غير طبيعي.. ولحظات يأسي لا تنتهي.. ربما بسبب المرض.. ولكم من مرة انتابني الاحباط فألقيت بكل ما في يدي من المنور.. هذا هو سر تكدس العظام هنالك..
=وخروجك الليلي المنتظم؟..
- أقول لك إنني غير طبيعي.. لقد جعلني مرضي شديد التقلب.. هناك أوقات معينة أشعر فيها أنني سأجن لو لم أترك هذه الجدران الأربعة التي تجثم فوقي..
=يبقى موضوع سفرك المتكرر للاسكندرية..
- لماذا يسافر أي نحات للاسكندرية؟!..سؤال سخيف.. إن الاسكندرية هي أنشودة الفن..الامتزاج الخالد بين الفن الروماني والفرعوني والاسلامي.. الاسكندرية هي منبع إلهامي ولو لم أرها مرتين في الأسبوع على الأقل فلابد أن أجن!!..
=ولم لا تسافر بسيارتك؟!..
- سؤال غريب.. هذه حريتي الشخصية فيما أظن.. ولا يمكنك أن تلوم إنسانا لا يجيد القيادة أو يحب القطارات مثلا..
=هذا حق..
وتفكرت حينا في نقاط غامضة أخرى.. ثم قلت:
=وبالطبع فإن أصوات الدق الليلية كانت نتيجة لنشاط خاص بالنحت..
- هذا صحيح.. وأعترف أن جيرة الفنانين مزعجة جدا..
هكذا.. لقد كان هذا التعس مجموعة من التناقضات والأطوار الغريبة التي لم يكن تفسيرها ممكنا إلا على هذا الضوء الشنيع.. أنه يأكل لحم البشر.. ولكم كنا مخطئين.. ولكم ارتعبنا وأرعبنا دون مبرر واضح.. وهنا تذكرت عادل يقول بصوته الواثق:
- إن الناس لا يفهمون المنطوي أبدا.. قد يفهمون الوقح وقد يفهمون المزعج.. لكن المنطوي المهذب لابد أن يثير لديهم الظنون..
***************************
ولكن..
من هو سفاح الاسكندرية إذن؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
أسطورة آكل البشر (9)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أسطورة آكل البشر (2)
» أسطورة آكل البشر (3)
» أسطورة آكل البشر (4)
» أسطورة آكل البشر (5)
» أسطورة آكل البشر (6)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: