كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 26- أسطورة الجنرال العائد - الجزء الرابع (2)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

26- أسطورة الجنرال العائد - الجزء الرابع (2) Empty
مُساهمةموضوع: 26- أسطورة الجنرال العائد - الجزء الرابع (2)   26- أسطورة الجنرال العائد - الجزء الرابع (2) Emptyالأربعاء فبراير 07, 2018 5:52 am

- 11 -
الحق أن هذه الموهبة لم تكن وبالا كلها.. إن إيجور ليغبط نفسه أحيانا على امتلاكه لها.. من المفيد أن تقرأ خواطر الناس حين تكون موظفا في مصرف.. خذ عندك هذا الرجل الوقور الذي يتقدم نحوك وهو يصلح رباط عنقه الفاخر ويضع حقيبته على الكاونتر أمامك في ملل كأنما تضايقه إجراءات المصارف الروتينية هذه وينظر لساعته غير ناس أن يمط شفته باشمئزاز.. تبا.. لقد تأخرت كثيرا عن موعدي المهم وتمر حسناء فيبتسم لها ابتسامة جانبية سريعة.. ثم يقف ويقول لك بهدوء وثقة:
- أريد تبديل فئة أصغر بهذه الدولارات..
ويضع رزمتين.. ثلاثا.. عشرا من الدولارات عالية الفئة على الكاونتر أمامك ويتلفت حوله في حذر ليريك أنه يهاب اللصوص وينتظر.. عندئذ تسمعه يتحدث في ردهة عقلك:
- "أرجو ألا يشك هذا الأحمق في شئ.. إن التزوير متقن وأنا أثق بهذا.. المهم أن أبدو واثقا من نفسي وألا أنصرف سريعا بمجرد أن يتم الاستبدال.. سأتمهل .. أنظر في ساعتي.. أسأله عن عنوان شارع قريب.. أوشك على الانصراف ثم أعود إليه طالبا استبدال ورقة نصف تالفة.. هذا هو الأسلوب الأمثل..
عندئذ تقاوم الابتسامة الخبيثة التي توشك أن تتحول إلى قهقهقة وتبدأ العبث بأعصاب الرجل.. تمسك الأوراق وتتأملها في النور مليا وأنت تعرف أنه يكاد يجن.. الهواء يحتبس في رئتيه..
"ماذا يفعل هذا المعتوه؟.. إن الدولار ليس له علامة مائية.. لا يمكن أن يعرف الحقيقة أبدا"..
عندئذ تطلب منه أن يأذن لك لحظة.. وتنهض تاركا إياه يغلي كما لو كان جالسا على مرجل مشتعل.. وتتأخر بالداخل بضع دقائق ثم تعود له كي تواصل عد الدولارات وتتأمل كلا منها في النور.. ثم.. ينتهي أوان المزاح.. تقرع الجرس الصغير أمامك ويرى هذا النصاب الزي الأزرق لرجل الأمن يتقدم نحوكما.. عندئذ يفقد الرجل وقاره ويتلاشى كل هذا الكبرياء..
"الشيطان.. كيف عرفها؟.. لقد كان التزوير متقنا ومن الدرجة الأولى..
ويسألك رجل الأمن عما هنالك فتقول بأدب وقور وأنت تشير لعميلك:
- لقد قدم لي هذا السيد دولارات مزيفة وأعتقد أننا جميعا نحب معرفة مصدرها..
عندئذ يرتخي جسد الرجل تماما ويتحول لفار في مصيدة غارقا في العرق البارد ويتحول كبرياؤه لبالون فرغ من الهواء تماما ويقتاده الضابط لحيث يقودون الفئران التي لا تجد مهربا.. نعم ليس الاختراق وبالا على رأسك كله.. عندئذ يدعوك مدير البنك لمكتبه ويهنئك على فراستك فهذه الدولارات مزيفة بإتقان غير عادي ويستحيل تمييزها إلا بوسائل تقنية معقدة ثم يسألك عن كيفية اكتشافها فتقول في تواضع:
- لا شئ يا سيدي.. فقط بدا الرجل متعجرفا أكثر مما يحتمله الأمر.. حتى إنني.. حتى إنني كدت أقرأ أفكاره..
*************************
وتمضي الوقت الممل في تأمل أنماط البشر الذين يدخلون ويخرجون من البنك وتصغي لأفكارهم في خبث موقنا في نفسك أن من يزعمون القدرة على الفراسة هم مغرورون حتما.. زحام من الأفكار وضجيج لا يصدق يحيط بك في كل ثانية وبرغم هذا أكثر الناس صامتون.. هذه الحسناء تخطر برشاقة قاصدة شباك الشيكات وتقول لنفسها في فحيح كالأفاعي:
"اللعنة على هذا العجوز.. كلما فكرت أنني بعت شبابي من أجل المال.. من أجل هذه الشيكات المتعفنة التي أنتزعها منه كأنني أنتزع آخر ضرس في فمه.. هذه هي مشكلة الزواج ممن يكبرك سنا"..
ترى هذا وتقارنه برقة ابتسامتها المصنوعة التي تنم عن حب برئ للكون كله لكن أفكارها تختلف بعض الشئ.. وها هو ذا رجل الأمن يرمقهات برزانة ويبتسم.. تسقط منها لفافة فيسرع ليعيدها لها وتشكره فيهز رأسه بمعنى : لا تشكريني فهكذا يتصرف الجنتلمان دائما.. لكن أفكار هذا الجنتلمان تختلف كثيرا فهي أفكار غير قابلة للنشر تتعلق بهذه الحسناء والخلاصة أنه سيتحول معها إلى مينوتور كاسر يخور..
أما هذا الرجل رث الثياب بادي الفقر فيمشي للصراف ليخرج من جيبه رزمة متسخة من أوراق العملة ويعطس عدة مرات ويقف بذل منتظرا أن ينظر الرجل إليه لكن أفكاره ترسم صورة مختلفة:
"عشرون ألفا.. إننا نتحرك بثقة نحو المليون الأول.. ولعمري إنه لشئ يستحق أن يضحي المرء بكل هذه اللذات الصغيرة التي يحبها الناس البلهاء".. ويبتسم إيجور بثقة.. الحق أنه لإنسان غير عادي فهو متميز ومخيف لكن لو علم الناس بموهبته هذه لانكمشوا ولراحوا يتطيرون منه ويخشونه..
*********************************************
وهنا رأى إيجور ذلك الشاب الناحل الأسمر يتقدم من لارا الموظفة الحسناء.. يقف أمامها.. يتحدث معها في أدب ثم يبرز وريقة صغيرة يضعها أمام عينيها.. وجه لارا يمتقع وتبتلع ريقها.. تنظر حولها ثم تعيد قراءة الورقة.. الشاب يبدو أكثر عصبية وتوترا ويناولها حقيبة سوداء كبيرة.. ماذا يحدث بالضبط؟.. مع إيجور بالذات لا توجد مشكلة في مطالعة الرسائل لأنه يراها منقوشة كاملة في وعيه كما يسمع كلماتها بصوت القارئ كما يحدث في السينما ماذا تقول هذه الرسالة؟..
"توجد تحت معطفي أربعة أصابع من الديناميت الموصل بشحنة كهربية.. وطرفا السلك بين أناملي الآن عليك أن تملئي هذه الحقيبة بالدولارات عالية الفئة ذات الأوراق القديمة وإلا قمت بتلميس السلكين.. وعندئذ سيتلاشى المصرف من على الخريطة.. لا تحاولي الصراخ أو المقاومة.. فأنا يائس ولن أخسر شيئا لو تحولت لكومة من الغبار"..
كان الأسلوب متماسكا والخط جميلا دقيقا.. هذا الخط المميز لمرضى الاكتئاب أو المنغلقين على أنفسهم ولم يمنع إيجور نفسه من الإعجاب بدقة هذا اللص.. إن اللص الذي لا ينسى وضع علامات الترقيم وعلامات التعجب وهو يسرق مصرفا لهو لص غير عادي.. المهم الآن أن يتم عمل شئ.. لارا تهز رأسها الأشقر في إرهاق.. واضح أنها توشك على فقدان الوعي بعد ثانية أو أكثر ما لم تأخذ.. هااه.. نفسين عميقين.. ثم تتنفس بسرعة.. العرق البارد على جبينها.. تبدو كأنها ابتلعت فأرا.. إنها تدخل المكتب تاركة الفتى واضعا يديه في جيب معطفه وهو يتلفت حوله في قلق.. ثم تعود بعد دقائق مع المدير.. المستر كوثبرت البدين ذي الملامح الطفولية يهز كرشه الضخم ويبدو ممتقعا.. يعيد كوثبرت قراءة الرسالة ثم ينظر نحو الفتى وعيناه تقولان: لا لكن الفتى يهز رأسه أن نعم ويفتح زرين من معطفه.. يتبادل المدير الهمس مع لارا ثم يشير للحقيبة.. هنا يستمع إيجور لأفكار الفتى : "ليتهما يصدقان.. ليتهما.. رباه.. دعني لا أفشل هذه المرة أيضا".. كانت الكاميرا التلفزيونية المعلقة مسلطة نحو الفتى ورآه إيجور ينظر لها في قلق.. إن كل شرطة الولايات المتحدة ستحصل على صورته بعد ربع ساعة من الآن.. وهذا يحمل معنى واضحا: إن الفتى يخطط للهرب مهما كانت النتائج وحتى لو لم يقنع المدير بنيته للانتحار وبالتالي من المنطقي أن يكون مسلحا فما هو سلاحه؟.. أحس إيجور في ذهنه بملمس المسدس البارد الصارم الثقيل يرقد في جيب المعطف صامتا ينتظر.. لكنه أدرك كذلك أن المسدس خال من الطلقات.. لم يكن الفتى راغبا في التهور مهما كانت الأمور.. لأن عقوبة السارق أخف بمراحل من عقوبة القاتل.. وهكذا تقدم إيجور في ثقة يشق زحام العملاء حتى وقف عند الشباك جوار الفتى.. توتر الفتى لحظة لكنه افترض أن إيجور عميل آخر لا يدري ما يدور هنا.. مد إيجور يده فوضعها على كتف الفتى وهمس:
- لا أدري لماذا لا أميل كثيرا لرؤيتك هنا.. لربما غدت الأمور أفضل لو أنك غادرت البنك الآن..
- عم تتحدث يا سيد؟..
وصاحت الفتاة في هستيريا ومعها مدير المصرف:
- ابتعد يا إيجور.. إنه ملغم تماما..
بنفس الهستريا تقريبا تراجع الفتى للوراء:
- ابتعد عني.. وإلا دفعتم الثمن غاليا..
لكن إيجور مد يده ليفتح معطف الفتى بالقوة ويقول أمام نظرات الواقفين الذاهلة:
- ملغم بالكرواسان؟.. هذا حق..
لقد ملأ الفتى سترته تحت المعطف بأصابع الكرواسان المتلاصقة التي تبدو تحت المعطف كأنها شحنة ديناميت رهيبة وفي ثانية تحول هذا السفاح اليائس إلى مخبول يحب الكرواسان يقف غارقا في العرق.. عرق الفشل وعرق الخجل وعرق الخوف.. لم يصدق بينما رجال الأمن يتقدمون نحوه لينزعوا معطفه ويفكوا هذا الحزام المضحك من حول خصره وأحدهم يخرج المسدس الخالي من الذخيرة من جيبه.. لم يصدق بينما لارا تولول وتبكي ثم تنكمش على نفسها مطلقة ضحكات هستيرية واهنة على سبيل التغيير.. عندئذ عرف أنه لعب بورقته الأخيرة وفشل.. تقدم منه إيجور في تعاطف واضح وأخرج من جيبه علبة سجائر دس واحدة منها في فمه وأشعلها بينما ذلك الصوت المعدني الكئيب للأصفاد إذ تنغلق حول معصمه يتردد: كليك..كليك.. سأله إيجور وهو يشعل سيجارة أخرى لنفسه:
- لماذا تهورت يا كارلو؟.. إن سيلفانا كانت ستعود لك حتما.. إنها تحب بيتها وأطفالها ولم يكن ما حدث سوى زلة عابرة..
- أردت أن يعرف الجميع من هو كارلو برتيني.. لست أنا ذلك الجبان عديم الذكر الذي تقتحمه العين اقتحاما.. أنت تعرف شعور المهاجر الإيطالي في بلدة كهذه.. إما أن يكون ممثلا أو لصا.. وعلى كل حال ستعرف سيلفانا أنها قد قارفت خـ..
وهنا تصلب ونظر لإيجور فوجده قد رحل.. وبينما هو يمشي نحو عربة الشرطة لم يملك نفسه أن يتساءل في حيرة.. لقد كان شارد الذهن فلم يثر ما حدث ذهوله.. من هو هذا الرجل؟.. كيف عرف مشكلته وعرف اسمه واسم سيلفانا زوجته التي رحلت؟..
إلا أنه في الساعات التالية لن يجد الوقت للبحث عن الإجابة..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
26- أسطورة الجنرال العائد - الجزء الرابع (2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 26- أسطورة الجنرال العائد - الجزء الرابع (1)
» 26- أسطورة الجنرال العائد - الجزء الرابع (3)
» 26- أسطورة الجنرال العائد - الجزء الرابع (4)
» 26- أسطورة الجنرال العائد - الجزء السادس (2)
» 26- أسطورة الجنرال العائد - الجزء االخامس (1)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: