كان الفجر قد بزغ في شقة عزت وكان النعاس قد بدأ يتسلل إلى جفنيه عندما انتهت آخر أوراق المفكرة.. فأغلقتها ووضعتها في جيبي..
=عزت..
- ماذا؟..
=أنا عائد إلى شقتي.. شكرا على كل شئ..
حرك يده بما معناه ألا داعي للشكر لأنه لم يقم إلا بواجبه تجاه صديق مخبول.. وعدت لشقتي ففتحت الشرفة واستنشقت هواء الفجر البكر.. هواء له رائحة ورائحته لها لون لا أدري كيف.. هواء لم يتلوث بعد ولم تغيره مصاعب الحياة ومشاقها فلم يتعلم الرياء ولا الكذب.. وقبل أن أنام (اليوم الجمعة لحسن الحظ) أعدت التفكير في هذه القصة..
أولا: واضح أن هيلين لم تعش بعد كتابتها للسطر الأخير وإلا لأكملت آخر كلمة..
ثانيا: من قتلها؟..
ثالثا: من قتل أندرو؟..
رابعا: هل سارة هي قاتلة أندرو وهيلين؟!..
خامسا: هل إكليبوس حقيقي؟..
سادسا: لماذا لم تستجب سارة للنداء عليها؟..ولماذا بدت مختلفة؟..
سابعا: من الذي استنقذ المفكرة؟..
وهنا بدأت أتوتر.. تناولت الخطاب المرفق مع المفكرة وأعدت قراءته مرارا فلم أر ما يريب.. الاسم: (س.ب) يشير إلى سارة.. إذن سارة قد عادت إلى الكوخ وأنقذت المفكرة وأرسلتها لي.. وهي قاتلة أندرو وربما هيلين.. لكن لحظة.. إن اسم سارة بالكامل هو سارة ستوكلي.. (س.س) وليس (س.ب).. فمن هي (س.ب)؟.. وبدأ شعر رأسي ينمو توطئة لأن يشيب.. دفنت رأسي في الوسادة وتلوت المعوذتين وآية الكرسي عازما أن أنام قبل أن أفكر في أفكار مجنونة.. صحيح أن سارة وساندرا اسمان متشابهان.. وصحيح أن ساندرا تدعى ساندرا بيكيت أي (س.ب).. وصحيح أنها تملك كل الأسباب للانتقام من أندرو قاتلها ومن زوجته إلا أن تصديق هذا مستحيل.. أندرو تحدث عن العائدين من المستنقع بعد منتصف الليل.. فهل ساندرا منهم؟.. لم يكن هناك شئ يدعى إكليبوس.. ولكن ربما كان هناك ما هو أشنع وأخطر.. يجب أن أنام!.. يجب..
******************************
سأحاول أن أنسى هذه القصة وأعدم المفكرة اللعينة الملوثة بالأوحال.. ولكني قلق على عزت الذي تلا هذه المقاطع بصوت عال.. ماذا سيحدث له؟.. ومحاولا النسيان أحكي لكم في المرة القادمة قصة مسلية بلا رعب على الإطلاق.. مجرد مغامرة في أغوار النفس البشرية..
ولكن هذه قصة أخرى..
د.رفعت إسماعيل..
القاهرة
********************(تمت بحمد الله)**************************