ومع ذلك قد أظل حيا.. صحيح أن حرارتي قد تجاوزت 39درجة وصحيح أنني أرتجف كذيل حية الجرس وصحيح أن مكتبي عامر بالأدوية التي تُبتلع وتُشم وتُحقن وتُدهن وتُرش.. وصحيح أن طبيبي -وهو من تلاميذي- لم يبد مهتما بعلاجي كثيرا على اعتبار أن رحيلي أو بقائي لم يعد يعني أحدا!.. لكن هذه الدلائل كلها لا تشير إلى قرب رحيلي أكثر مما تشير الغيوم إلى قرب هطول المطر.. من يدري؟.. قد تشرق الشمس من جديد وتبدد هذه الغيوم السخيفة هازئة بعلماء الأرصاد جميعا.. ومن يدري؟.. قد أظل حيا لأحكي لكم قصة.. اثنتين.. مائة من قصصي الكابوسية ذات المذاق الكريه.. هل تذكرون من أنا؟.. من جديد أكرر: أنا د.رفعت إسماعيل العجوز.. الطبيب المتقاعد هاوي الأشباح والغرائب.. والشبيه بورقة الكرم الأخيرة في تلك القصة التي نسيت اسم كاتبها.. لقد ظلت البطة طيلة القصى تنتظر سقوط الورقة من غصنها.. لكن الورقة ظلت متشبثة بالغصن في عناد لا يوصف.. ولهذا سر لن أحكيه لأن المجال ليس مجاله.. والآن دعونا نتحدث عن رعب المستنقعات.. إنه لاسم موح.. ذو رنين يجمد الدم في العروق.. وإنني لأرجو أن تكون القصة على مستوى عنوانها.. لحظة حتى أغلق جهاز الكاسيت.. لحظة أخرى حتى آخذ كبسولة المضاد الحيوي.. فالساعة الآن التاسعة مساء كما ترون.. ذكروني فقط أن آخذ الجرعة التالية في الثالثة صباحا.. فليس هناك من يقدم لي الدواء سواي.. والآن أنا جاهز وطوع أمركم يا رفاق.. هيا بنا..