11- العودة..
ــــــــــــــــــــــــــ
تأرجح جسدي كبندول عملاق.. وسمعت صوتا مدويا يردد:
- معذرة إنها البروستاتا كما تعلمون..
عندئذ سعلت كي أزيل الجفاف من حلقي وصرخت:
=لقد نلت حريتي يا بو..
شعرت برأسي يدور ببطء متجها للحرف الأول فالثاني فالثالث..
- حقا قد نلتها ونجحت في تغيير المصير الكئيب لأبطالي..
=إذن يمكنني العودة لعالمي..
- وداعا يا دكتور رفعت..
ولم يكد يقولها حتى شعرت بالقيد الذي يعلق قدمي للأفق يتمزق وشعرت بانني أقذف إلى بعيد..
********************************
إصبع يضغط على جفني في إصرار.. إصبع بارد كالثلج.. صلب كالوتد.. وسمعت صوتا ذا صدى يقول:
- إنه ما زال حيا يرزق..
تلك اليد تهزني في إصرار.. صبرا يا فتى.. رحمة بالصداع المترجرج في رأسي..
- هيا يا رفعت.. افتح عينيك..
ولماذا أفتحهما؟.. لقد رحلت ماجي وهويدا.. ولم أعد راغبا في المزيد.. ما جدوى أن أرى؟.. لقد كان الكاهن الأخير يتظاهر بالبلاهة حقا على حين افتضح أمر براكسا سريعا..
- رفعت..
وفتحت عيني.. كان رأسي ملقى على المائدة المستديرة ما بين الحروف وثمة لعاب يسيل من فمي وحين رفعت عيني رأيت وجهين مألوفين.. جيري وكولبي.. كانا واقفين مذعورين.. أما كولبي فبدا منهارا.. وكان يجفف عرقه باستمرار مرددا:
- قلت لك إنها جرعة لا تذكر.. لا تذكر..
أخيرا وبعد عشر دقائق استطعت أن أوجه السؤال التقليدي المتوقع:
=ماذا حدث بالضبط؟..
**********************************
قال جيري في اشمئزاز وهو يناولني سيجارة ويشعلها:
- لقد اعترف الرجل بكل شئ.. كانت خدعة حقيرة يا رفعت.. لقد دس لك جرعة من عقار الهلوسة في مشروب الشيكولاتة.. لم تكن تجربة تحضير الأرواح سوى خدعة.. كان هو من يتحكم في تحريك الكاشف موحيا لنا أن الروح تختار.. وكان يأمل أن ترى أنت رؤيا معينة بفعل عقار الهلوسة فيستغلك كبوق دعاية لمواهبه..
جلس سام كولبي في الركن متخاذلا لاهثا ككلب في يوم حار ثم اعتذر لأنه يشعر بحاجة لدخول دورة المياه بفعل البروستاتا كما تعلمون.. فما إن انصرف حتى قال جيري:
- لقد انهار هذا الرجل بمجرد أن فقدت وعيك وصار يولول ويصرخ واعترف بكل شئ..
=كم من الوقت غبت عن وعيي؟..
- دقيقتان أو أقل قليلا..
=لا أفهم.. لقد عشت سبع حيوات كاملة بينما أنت تقول إنني غفوت دقيقتين..
لم يفهم ما قلت وتساءل:
- هل ستقاضيه؟.. هذا اليهودي يمكنني أن أتولى هذه الدعوى..
=بالعكس.. سأكتب له الإقرار الذي أراده..
الرئيسية 
