كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 20- أسطورة بو - الفصل السادس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

20- أسطورة بو - الفصل السادس Empty
مُساهمةموضوع: 20- أسطورة بو - الفصل السادس   20- أسطورة بو - الفصل السادس Emptyالإثنين فبراير 05, 2018 2:00 am

6- البندول والبئر..
ـــــــــــــــــــــــــــ
برغم غيابي المطلق في هذا الكابوس الشنيع ظلت قدرتي على الملاحظة والتفنيد قائمة.. كانت الكوابيس مجسمة تماما لها طعم ولون ورائحة.. والإضاءة.. آه من الإضاءة.. لقد صور المخرج الشهير روجر كورمان أكثر قصص إدجار آلان بو مستخدما أسلوب التلوين المسمى باثيكولور.. ذلك الأسلوب الذي لا يترك من طيف الضوء سوى اللونين الأزرق والأخضر وهكذا يصطبغ الفيلم كله بهذين اللونين الكئيبين الباردين.. مع اختيار أماكن تصوير عتيقة تحاصرها خيوط العناكب.. لقد وجدت نفسي أعيش في فيلم من أفلام كورمان هذه.. الفارق أنني عاجز عن إطفاء جهاز التلفيزيون أو مغادرة دار السينما قبل انتهاء العرض..
***************************************
كذلك لم أعجز عن فهم حقيقة موقفي.. واضح أن التجربة التي مررت بها نجحت في انتزاعي من عالم الواقع.. ولكن لأدخل عالما من الكوابيس لا يجمع بينها سوى أنها وليدة خيال إدجار آلان بو المريض.. ما معنى ذلك؟.. وما سببه؟.. أعتقد أن كل هذه الرؤى كانت متجسدة حية في ذهن الرجل.. وحين خطوت أنا خارج عالم الماديات خطوت إلى ذلك العالم المحكم الذي صاغه بو.. إنني أفكر مثله وأشعر مثله.. لهذا كان من الطبيعي أن أعيش ذات كوابيسه.. إنه تفسير مبتور غير مرض تماما.. لكنه التفسير الوحيد الذي أستطيع أن أزعمه..
****************************************
هذه المرة كان الأفق كله قرصا من الحروف العربية والإنجليزية مبعثرة في إهمال.. وكنت أنا أتدلى في الهواء.. رأسي يكاد ينفجر من الاحتقان بينما قدماي مربوطتان في حبل يصل لنقطة اللارؤية في عنان السماء القرمزية التي حاصرتها الغيوم.. وشعرت أن رأسي يتأرجح.. يتأرجح حول محيط دائرة.. كأنه مؤشر يتجه للحروف لينقل رسالة ما.. ورأيت حرف الهاء يدنو من رأسي ثم حرف الياء.. إذن هو يمارس معي لعبة المائدة والكوب ولكن على نطاق كوني هائل.. إن رأسي هو الكوب والسماء هي المائدة.. ولمحت حرف الألف فبدأت أكون كلمات فجملا..
هـ يـ ا ، حـ ا و ل ، أ ن ، تـ تـ خـ لـ ص ، مـ ن ، هـ ذ ا ، ا لـ كـ ا بـ و س..
صحت بصوت دوى كهزيم الرعد في الأفق:
=كيف؟.. كيف؟..
- يـ مـ كـ نـ ك ، أ ن ، تـ نـ جـ و، لـ و ، نـ جـ حـ ت ، فـ ي ، تـ غـ يـ يـ ر ، نـ هـ ا يـ هـ ، قـ صـ هـ ، مـ ن ، ا لـ تـ ي ، تـ مـ ر ، بـ هـ ا..
أغير نهاية قصة؟.. هذا هو السبيل الوحيد للنجاة؟.. يبدو لي سهلا.. ولكن لماذا؟.. لماذا؟..
********************************
كان ظلام الليل السرمدي يغمرني.. الظلام يجثم على صدري كحجر والجو ثقيل لا يحتمل.. وفي أعماقي يقين كامل أنني سجين في سجن يدعى توليدو رماني فيه قضاة محاكم التفتيش الأسبانية بقسوة لا توصف ولا مبالاة تنم عن أعنف احتقار للجنس البشري وآلامه.. كنت أعرف الأساطير العديدة التي حكوها عن هذا السجن.. وأعرف العقاب العبثي المروع الذي ينتظرني داخله.. لكنني لم أستطع أن أتذكر أنني قرأت قصة كهذه.. فيما بعد حين راجعت مجموعات قصص بو تذكرت أن هذه هي قصة "البندول والبئر".. كان التوقيع على هامش الصفحة الأولى يقول "المنصورة - مايو 1940".. لابد أنني قرأتها في عصر أحد أيام الصيف حيث جلست في الشرفة حتما أتأمل الموجودات والمارة وقلبي ذو الستة عشر عاما يخفق بأحلام لا نهاية لها.. ولابد أنني قرأت القصة وقلت إنها جيدة ثم أغلقت الكتاب ونسيت الأمر برمته فلم يعد إلى عالمي إلا اليوم.. بعد ثمانية وعشرين عاما من النسيان التام..
**********************************
الظلام الدامس.. الترقب.. ثم ضوء خافت أجهل مصدره.. كنت على ظهري ممددا مقيدا إلى إطار خشبي بحزام جلدي سميك وكانت ذراعي اليسرى حرة لتتيح لي أن أأكل من طبق على يساري به لحم متبل.. ليس وجود اللحم ترفا بل هو جزء من التعذيب لأنهم لم يحضروا معه ماء.. وكان علي أن أتحمل لهيب الظمأ في أعماقي.. رفعت عيني لأعلى فرأيت بندولا يتأرجح مع الوقت..
المشكلة أن هذا البندول كان على شكل منجل من الفولاذ البراق يتأرجح نزولا مع كل ثانية نحوي.. إذن فهذا هو المصير الذي ينتظرني على أيدي قضاة محاكم التفتيش.. كم من ساعات مريرة قضيتها أرمق النصل وهو يهبط لأسفل.. دائما لأسفل.. رائحة الفولاذ المسنون تتسرب الآن لأنفي.. لابد أن أياما قد مرت علي في هذا الحال أرمق النصل يدنو من جسدي ببطء.. ببطء.. كنت أفقد الوعي مرارا لكني حين أفتح عيني كنت أجد النصل لم يدن من جسدي أكثر.. لقد كان الشياطين يوقفون عمل البندول إلى أن أفيق من إغمائي حتى لا تفوتني ثانية عذاب واحدة.. إلى أسفل.. دائما إلى أسفل.. وتخيلت اللحظة التي سيبدأ فيها النصل تمزيق النسيج على صدري ثم يذهب بعيدا ليعود كي يمزق المزيد من النسيج ثم لحم الصدر نفسه و.. وارتجفت.. نظرت لطعامي فوجدت الفئران تتصارع عليه.. وهنا خطرت لي فكرة عبقرية.. بيد مرتجفة تناولت قطعة لحم من الباقية في الطبق وشرعت أدهن بها الحزام الجلدي الذي يقيدني للإطار الخشبي.. وعلى الفور شرعت الحيوانات المريعة تزحف على جسدي.. سمعت صوت القضم والقطع.. وشعرت بأفواهها تتحسس شفتي وتعبث في عنقي.. لكني تمالكت غثياني وتماسكت.. وبعد دقائق طالت شعرت بالحزام يرتخي.. تمكنت من تحرير يدي.. واستطعت تمزيق القيد والنهوض.. وصرت حرا.. نحوت.. وهنا رأيت النصل يرتفع لأعلى.. أصابني هذا بالإحباط.. هم يراقبونني طيلة الوقت وقد فرغوا من هذه الدعابة لكنهم سيبدءون دعابة أخرى.. لقد فررت من مصيدة فئران إلى مصيدة أخرى لا أكثر.. وهنا أدركت حقيقة مروعة.. إن الجدران تلتهب.. تلتهب بالنيران.. والأسوأ هو أنها تضيق من حولي ببطء شديد.. أدركت أنها تدفعني لمركز القبو.. وهذا المركز كان عبارة عن بئر عميقة لم أدرك لها قرارا.. أنا مضطر إذن للاختيار ما بين الموت حرقا أو سقوطا من عل..
*************************************
وهنا تذكرت كلمات بو.. لو أنني نجحت في تغيير نهاية قصة لصرت حرا.. هكذا قال.. ولكن كيف كانت نهاية هذه القصة؟.. أنا أعرف أن بو لا يحب النهايات السعيدة وحتما الموت هو ما ينتظرني ولكن كيف؟.. حرقا أم في البئر؟.. للأسف لا أذكر هذه القصة أساسا.. ولو تذكرت نهايتها لفعلت أي شئ كي أغيره.. لكنني على كل حال لا أملك سوى الموت.. وهنا سمعت صوت قعقعة فوق رأسي.. صوت انفجار.. صوت أبواب تفتح.. ثم شعرت بيد تمسك بي لتنتشلني من القبو.. إذن هناك من اقتحم السجن ليحررني.. ورأيت وجوها باشة صديقة تتحدث الفرنسية..
**************************************
شعرت أن الكابوس ينتهي وأن المرئيات تذوب من حولي فرحت أقهقه كالمجنون.. أنا أول من يبقى حيا بعد قصة من قصص بو:
=لقد فعلتها.. نجوت من قصتك يا بو.. خرجت منها حيا.. لقد أنقذني جنود فرنسيون في آخر لحظة.. هاهاهاهااهاها..
مرة أخرى شعرت بأنني تحولت لبندول معلق في الأفق.. دائرة الحروف تحيط بي.. رأسي يتجه ببطء إلى حرف الكاف ثم اللام ثم:
كـ لـ ا ، هـ ذ - هـ ، هـ - ي ، نـ هـ ا يـ ـة ، ا لـ قـ صـ ـة ، ا لـ أ صـ لـ يـ ـة..
=ولكنني نجوت..
شرعت الحروف تتجمع ببطء شديد وفهمت ما تريد قوله:
- في نهاية القصة الأصلية ينجو البطل على أيدي جنود الجنرال لاسال الذين استولوا على توليدو في آخر لحظة لينتقموا من وحوش محاكم التفتيش.. لو أردت حقا أن تبدل نهاية القصة لرميت بنفسك في البئر وعندئذ كنت ستخرج من عالم قصصي الرهيب..
=لم أكن أعرف القصة يا بو.. لم أكن أعرفها..
- أتمنى لك حظا أفضل في المرة القادمة..
وشعرت بالكون يذوب تحت قدمي.. وغصت في مادة العدم الهلامية المقيتة..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
20- أسطورة بو - الفصل السادس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 24- أسطورة رعب المستنقعات - الفصل السادس
» 13- أسطورة البيت - الفصل السادس
» 16- أسطورة النبات.. الفصل السادس
» 23- أسطورة المينوتور - الفصل السادس
» 22- أسطورة عدو الشمس - الفصل السادس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: