إنه أكتوبر.. الشهر الذي حرم من دفء الصيف وشاعرية الشتاء.. الشهر الذي تنتهي فيه أحلام الصيف الزاهية بينما آمال الشتاء الغامضة لم تولد بعد.. الشهر الشبيه بهيكل عظمي يرتدي عباءته السوداء ويرتجف.. لو كان للهياكل العظمية أن ترتجف.. وهأنذا د.رفعت إسماعيل أجلس على مكتبي.. جواري سيجارة لم أشعلها لكني أداعبها بأناملي.. أفركها.. أتشمهها.. تلك الطريقة التي يسمونها بالتدخين على البارد.. جواري قدح من الينسون وهو المشروب الوحيد الذي سمحوا لي بأن أشربه.. تبا لهم قراصنة الطب.. ما إن تعطي أحدهم يدك حتى يستولي على عقلك وحياتك كلها.. لا تشرب القهوة ولا الشاي.. لا تنم.. لا تصح.. لا تدخن.. لا تقرأ.. لا تكتب.. لا تعش.. لكني سأسمح لنفسي بتسلية صغيرة ضاربا عرض الحائط بكل نصائحهم.. سأجلس إلى مكتبي وأسطر أحداث قصة أخرى من ذكرياتي الرهيبة.. اليوم أحكي لكم قصتي في عوالم إدجار آلان بو الكابوسية.. وهي مغامرة قصيرة رهيبة مرت بي عام 1968.. وبالمناسبة هذه القصة ليست حلما وليست هلوسة.. أعتقد أن عبقرية ذلك الشاعر الأمريكي كانت شيئا ملموسا ولقد نجحت في أن تخلق عالما شبه مادي غصت فيه حتى شحمة أذني.. ستقرءون القصة معي.. ولسوف تفهمون الكثير من الأشياء.. وحين تنتهي أحداثها سأكون هناك كالعادة كي أشرح لكم وجهة نظري فيما حدث وكيف حدث.. والآن كما يقول دانتي.. يا من تدخلون هذا العالم الرهيب اتركوا وراءكم كل أمل.. أنتم الآن في ضيافة بو..
*********************
إهداء..
ـــــــــــــــ
إلى الأستاذ الخالد إدجار آلان بو..
الذي رفع قصة الرعب إلى مقام الشعر..
ورفع الشعر إلى منزل الحلم..
واستخلص من كآبته وجهامة دنياه ذلك الكون السرمدي المصبوغ باللون الأزرق..
إلى إدجار آلان بو الذي فهم روعة الفزع..
نهدي هذا الكتيب..
الرئيسية 
