انتهت أسطورة النافاراي!.. انتهت قصة المحارب الذي عبر خمسة قرون وآلاف الأميال كي يجئ إلى عالمنا.. وعبر حاجز الواقع كي يصل إلى أرض الكوابيس.. حقا لا أعرف الحقيقة.. زانادو والأب والراموس وصراعه مع خصمه.. هل حدث هذا كله حقا أم هي مجرد هلوسة انتابته في غيبوبته وحكاها لي؟.. هل ما أعاده لدنيانا قنينة الترياق أم الغسيل الكلوي الذي أجريناه؟.. لكن عندي دليلين هامين على صدقه.. الدليل الأول : هو إقحامه للقط في القصة وهو لا يعرف أن هناك قطا.. الدليل الثاني: أنني وجدت الكتاب في يده حين أفاق.. لقد كان هن- تشو- كان في عالم مواز غريب يمكن أن يحدث فيه كل شئ وأي شئ.. لكنه أثبت أنه الأفضل كالعادة والأكثر براعة وتوفيقا.. والأهم أنه لم يعد يخشى أحدا في عالمنا الذي صار آمنا تماما.. إنني سعيد بهذه النتيجة لأنني وأعترف وقعت في هوى هذا الفتى الشريف الباسل كأبطال الأساطير الإغريقية.. وقعت في هواه برغم فاتورة المستشفى التي دفعتها بالكامل وتسببت في خراب بيتي.. ففي لحظة الدفع لا تجد واحدا من أية سفارة آسيوية يعرض خدماته الثقافية!.. وبعد فترة نقاهة لا بأس بها عاد هن- تشو- كان للإقامة معي في داري.. وكان أن قابل الملحق الثقافي الصيني معي وأفهمه أنه من مواطني التبت.. وأنه تربى في مصر ويريد أن يعمل في سفارة الصين الشعبية وأنه بالطبع لا يملك أوراقا تؤيد كلامه!.. وقد كان.. وأنتم تذكرون دون شك أن الفتى كان يعمل مترجما في تلك السفارة لأن عربيته لم تكن سيئة على الإطلاق في تلك الآونة.. ووجدت له مسكنا لا بأس به ونجحت في جعله يذوب وسط مواطنيه الذين لا يتخيل أحدهم أي سر يطويه الفتى تحت ثيابه العصرية الأنيقة وأدبه الجم.. لا أنصح أحدكم باستفزازه.. فهو مسالم جدا لكنك لا تدري متى يقرر أن يستخدم أسلوب السارايانا.. عندئذ أنت الملوم ولا أحد غيرك.. بعد ذلك بفترة كانت له مغامرة لا بأس بها مع وحش وطنه رجل الثلوج المي-جي فذكروني أن أحكيها لكم يوما ما.. ماذا تقولون؟.. حكيتها في الكتيب الثاني عشر؟!.. معذرة!.. يبدو أن تصلب الشرايين قد نال من ذاكرتي بالفعل.. على كل حال لم تنته ذكرياتي مع هن- تشو- كان وسأحكي لكم المزيد إذا راقت لكم حكاياته.. والآن نعود للحديث عن الأحداث الكابوسية التي عشتها في ذلك الأسبوع الذي سبق عودة هن- تشو- كان لعالمنا.. الأحداث التي كادت تنسيني كل شئ عن الفتى بل وكادت تودي بحياتي في الواقع.. إن الحديث عن المقابر محبب للنفس.. نفس الأشباح على الأقل.. وقد كانت براكسا تحب الحديث عن المقابر.. وكنت أنا.. ولكن معذرة..
إن هذه قصة أخرى..
د.رفعت إسماعيل..
القاهرة..