كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 16- أسطورة النبات.. الفصل الثالث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

16- أسطورة النبات.. الفصل الثالث Empty
مُساهمةموضوع: 16- أسطورة النبات.. الفصل الثالث   16- أسطورة النبات.. الفصل الثالث Emptyالأحد فبراير 04, 2018 6:34 am

3- إنه حي!..
ــــــــــــــــــــــــــــــ
حتى في تلك الآونة كنت ساذجا.. وكنت بحاجة إلى المزيد من الدروس عن الحياة والمخلوقات.. الحق أقول لكم أنني كنت أجهل حقيقة مروعة: حينما تجد نباتا لا تعرفه فليس من الحكمة أن تدير ظهرك له!.. وسأقول لكم حالا كيف تعلمت هذه الحقيقة..
*************************
سمعت صوت حفيف من وراء ظهري فأجفلت واستدرت لأرى.. قلبي سقط في قدمي لثوان ثم أنه - بعد أن رأى ما رأى- ظل في قدمي رافضا أن يعود لمكانه!.. رأيت - غير مصدق ولا متوقع - أوراق النبات إياه تفتح وتنغلق مرارا لا حصر لها كأنها قد جُنّت والأسوأ هو أنها كانت تتلوى فوق سيقانها.. والسيقان نفسها تتلوى كأنها ترقص رقصة محمومة.. ورأيت شيئا طويلا كأذرع النباتات المتسلقة يخرج من بين السيقان مرتفعا ببطء نحو وجهي!.. مستحيل!.. ليس هذا صحيحا!.. هل صرخت وجلا؟.. أظن أنني فعلت.. حتما فعلت.. ووثبت إلى الوراء كرد فعل تلقائي محاولا الابتعاد عن هذا الكابوس.. وهنا حدث شئ لا يصدق.. وثب الذراع الطويل - كلسان حرباء يلتقط حشرة- إلى معصمي.. وقبل أن أفهم ما حدث التف حوله مرتين أو ثلاثا.. وشرع يجذبه نحو النبات الأم بقوة لا بأس بها!.. في البدء ظننت أنها أفعى كانت غافية بين سيقان النبات.. ثم بدأت أدرك أنه بالفعل جزء من النبات ذاته.. الرعب يقتلني لكنني قادر رغم كل شئ على انتزاع هذا الذراع بل وانتزاع النبات نفسه من مكانه فإن أنسجته هشة حقا.. لكنني شعرت بوخز في معصمي.. أدركت في هلع أن هذا الذراع يحقنني بمادة ما كالتي يحقن بها العنكبوت ذبابة أضخم منه ليستطيع امتصاص أحشائها.. لابد أنه مخدر أو مادة تسبب الشلل وبالتالي سيكون من السهل على النبات أن يجذبني إليه ليبدأ الحفل.. بالفعل.. قواي تخور.. تنميل في أطرافي.. عرق بارد.. ثم.. الظلام.. الأسود العظيم يدعوني إلى مأدبته.. و..
*******************
مذاق الليمون الحمضي يغمر لعابي.. ثم قرص النيتروجلسرين المر تحت لساني يذوب.. هلمي يا شراييني التاجية استسلمي للمسة النترات الحانية.. تفتحي وامنحي الدماء لقلبي الشيخ.. وحين فتحت عيني كان هناك.. لقد تجاوز الأربعين مثلي لكن شتان بين أربعين وأربعين.. أربعون عاما أطاحت بشعر رأسي وأوهنت نظري وأصابتني بالهزال أما عماد فقد أضافت له السنون رونقا وسحرا وجاذبية.. كنت مضطجعا على أريكة مريحة في رواق داره وكان هو راكعا على ركبتيه جواري يحمل في يده زجاجة النيتروجلسرين التي وجدها في جيب بذلتي.. لابد أنني طلبت منه أن يدس قرصا في فمي منها.. نظرت إليه بعينين زائغتين فبدا عليه الرضا.. وهتف متنهدا:
- أخيرا يا رفعت!.. كدت تقتلني رعبا!..
=ليتني فعلت!..
وفهمت منه أنه - بعد أن أخبره البواب بقدومي- بدأ باستبدال ثيابه توطئة لاستقبالي ولم يتوقع أن البواب الأحمق سيتركني أجتاز الحديقة وحدي ولم يخطر له أنني -المعتوه- سأقوم برحلات استكشافية بين الأشجار حيث لا ينبغي أن أذهب.. فهمت منه كذلك أنه خرج إلى الحديقة بحثا عني فسمع صرخة.. ولما ذهب إلى حيث كنت وجدني مصابا بنوبة قلبية جوار نبات الموكاسا نيجرا الذي يربيه في الحديقة وبصعوبة جرني جرا إلى داخل البيت حيث قدم لي شراب الليمون وقرصا من هذه الأقراص التي يحملها مرضى القلب دائما ولا يجدون أبدا الوقت الكافي لتناولها قبل أن يموتوا.. وهأنذا ولله الحمد حي أرزق.. صحت في حنق وأنا أقاوم رغبتي في خنقه:
=لم أتوقع أنك جننت تماما في تلك السنين التي لم أرك فيها!.. وإلا بالله عليك ما الذي يدعو إنسانا عاقلا لتربية هذا الوحش الذي كاد يقتلني؟!..
- عم تتحدث بالضبط؟.. أي وحش؟..
=النبات المشئوم الذي..
نظر لي هنيهة غير مستوعب لكلامي ثم أشرق وجهه بالفهم فضحك.. وطفق يشرح لي ما خفي عني:
- إذن كانت الهلوسة البصرية هي التي أصابتك بالنوبة!.. الواقع يا عزيزي رفعت أنك كنت ضحية هلوسة مريعة تسببها الرائحة التي يطلقها هذا النبات..
=تعني أنه لم..؟..
- لا أدري ما فعله معك.. لكن أيا ما كان ذلك فهو غير حقيقي.. والآن دعني أحك لك القصة من بدايتها..
************************
قال عماد:
- أنت تعرف أنني كثير الأسفار.. ولقد بدأ كل شئ في رحلة قمت بها إلى الولايات المتحدة حيث قابلت الأستاذ ديفيد أوبريان وهو عالم نبات له مقالات عدة لا بأس بها واسمه تعرفه كل المحافل العلمية المختصة.. كانت صداقة حميمة حقا.. وعندما حان وقت الرحيل أهداني كيسا صغيرا من النايلون به بذور غريبة الشكل قال لي إنه وجدها في مكان ما قرب مجرى نهر الأمازون.. ودعاني إلى أن أحاول استزراعها في مناخ مصر الدافئ لأن كل محاولاته لاستنباتها قد باءت بالفشل.. سألته عن اسم النبات فقال لي إنه لا يعرفه.. بل وإن هناك احتمالا لا بأس به أنه لا أحد يعرفه.. ربما كان هذا النبات بكرا لم يصفه بشر بعد.. عدت إلى مصر ملهوفا إلى أن أبدأ تجاربي على هذا النبات العجيب وكنت منظما كعهدك بي.. فقسمت البذور بعد فحص بعضها تحت المجهر إلى ست مجموعات قمت بزراعة كل منها في تربة وظروف جوية مختلفة وإن ملت إلى رفع درجة الحرارة لأن المؤكد أن هذا النبات كان ينمو في درجة حرارة دافئة.. وانتظرت..
**********************
كانت هذه الأحداث منذ ثلاثة أعوام (والكلام لم يزل لعماد) وخيبة الأمل كانت الثمرة الوحيدة التي سمح لي أن أجنيها.. وبدأت أتساءل عما إذا كانت هذه البذور حية أم ميتة.. إنني لم أميز الجنين تحت المجهر ولم أستطع تمييز أية أنسجة فهل هي قديمة إلى هذا الحد؟.. كان الضيق يمزقني والإحساس بالفشل يعتصرني وخطابات الأستاذ الأمريكي تزيد عذابي من أمثلة: قلت لك لا جدوى.. أنا حاولت كثيرا من قبلك.. وأنت تعرف روحي القلقة يا عزيزي رفعت.. أنت تعرف تعطشي الدائم إلى المجهول.. وأنت تعرف أنني لم أكن لأستريح حتى ألمس الحقيقة.. وجاء الجواب في ليلة صيف رائعة نمت أحلم فيها بشريط حياتي الحائرة بحثا عن شئ لم تستطع ثروتي ولا معرفتي أن تقدمه لي.. وفي منتصف الليل سمعت جلبة معينة قادمة من أحد أركان الفيللا فخرجت أبحث عن مصدر الصوت مطمئنا إلى أنه لن يكون لصا لأن كلبي الشرس موكاسا يحميني كالشيطان ذاته من بطش اللصوص.. إن اللص الذي يدخل داري هو ميت ما لم يصرخ لننقذه من الكلب.. وفي حجرة المكتب وجدت ذلك اللص البائس يحاول فتح الخزانة الرقمية الموضوعة هناك على ضوء بطارية.. ورغم دهشتي عن كيفية دخوله لم أفقد ترتيب أفكاري.. من ثم تسللت بخفة إلى خارج الحجرة وجذبت الباب خلفي ثم أحكمت إغلاقه بالمفتاح من الخارج عالما أن الحجرة بلا نوافذ وهرعت إلى الهاتف أطلب الشرطة.. وحين جاء هؤلاء بعد نصف ساعة قبضوا على اللص الذي وقع كفأر في مصيدة.. وأخبروني أنه دخل من نافذة حجرة الجلوس بعد أن قطع زجاجها بماسة يحملها.. أخبروني كذلك أنه تخلص من الكلب ليتسنى له الدخول عن طريق إلقاء رغيف مملوء باللحم المفروم في طريقه.. وكان اللحم المفروم مخلوطا بمادة الزرنيخ التي التهمها عزيزي موكاسا في نهم ليلفظ أنفاسه الأخيرة ويتمكن اللص من اقتحام الفيللا آملا في سرقتها دون أن أستيقظ أنا.. كانت بالتأكيد مغامرة بائسة ولم يستفد منها أحد.. لا اللص ولا الكلب ولا أنا.. واحد فقد حريته وواحد فقد حياته وواحد فقد كلبه العزيز.. وكل هذا من أجل حفنة جنيهات.. المهم أن دموعا كثيرة بللت جثة الكلب وأليت على نفسي لأدفنه بنفسي في الحديقة بين الأشجار التي أحبها في حياته كثيرا.. وفعلت ذلك وتبا لها من مهمة قاسية!.. بعد يومين لا أكثر بدأت ألاحظ أشياء أثارت ذهولي.. فنافشة أوراقها بدأت سيقان سوداء تبرز من التربة حيث واريت جثة الكلب وكلها تحمل أوراقا سوداء لها حواف حمراء تجللها الأشواك.. نبات لم أر مثله قط ينمو بسرعة لم أعهدها..
وهنا تذكرت أنني قد كنت غرست بعض البذور في هذه التربة منذ زمن بعيد في محاولتي لاستنبات البذور التي أعطانيها الأستاذ الأمريكي ونسيتها تماما.. فجأة تذكرت هذه البذور إنها حية وإنها يجب أن تمارس ما خلقت له.. فما سر هذا التحول المفاجئ بعد كل هذا الصمت؟!.. الإجابة معروفة لنا جميعا.. إنها جثة الكلب المتحللة التي منحت البذور موردا هائلا من النيتروجين والكبريت والهيدروجين كانت تحتاج إليه.. وها هو ذا الحادث الأليم قد أفادني كثيرا.. وقدم لي الجواب.. إن بذور هذا النبات لا تنبت إلا في تربة تحوي كائنا عضويا متحللا وهو ما لابد أنها كانت تجده بكثرة في الأمازون.. سيكون اسم النبات هو موكاسا تخليدا لذكرى كلبي.. ونظرا لأن قواعد التسمية الصارمة التي وضعها لينيوس تحتم وجود مقطعين للإسم فإنني سأسمي النبات موكاسا نيجرا نسبة إلى سواد أوراقه العجيب..
وليكونن موكاسا نيجرا هو حديث العلماء في العقد القادم.. وليكونن هو شغلي الشاغل في الأيام القادمة.. تشريحه وأسلوب تكاثره وتمثيله الغذائي.. كل هذا وأكثر لابد وأن يدون ويوصف بدقة.. ثم السؤال الأهم ما سر نهم هذا النبات المحموم إلى النيتروجين؟.. إنه في هذا يتصرف كالنباتات المفترسة -وعددها خمسمائة نوع في العالم- التي تعيش في تربة فقيرة في النيتروجين من ثم تعوض حاجتها له عن طريق اصطياد الحشرات وهضمها بواسطة إنزيمات التربسين والببسين المماثلة لما تفرزه معدة الحيوانات آكلة اللحوم.. إن هذه النباتات أعجوبة حقيقية.. فمنها ما يطبق بأوراقه كالمصيدة على الحشرة التي يقودها سوء أخلاقها إلى الاقتراب من هذه النباتات ومثالها نبات ديونيا.. ومن هذه النباتات ما يفرز سائلا لزجا على الأوراق تلتصق به الحشرات ومثالها نبات بينجويكلا الذي رأيته في مستنقعات إنجلترا.. ومنها نباتات ذات وعاء أنبوبي مبلل لتنزلق الحشرات على حافته فتسقط داخل الوعاء ومثالها نبات سراسينا في أمريكا الشمالية.. لكن الموكاسا يختلف.. فهو لا يملك أية حيل مماثلة والذباب يقف على أوراقه طيلة الوقت دون أن يبدي هذا أي اهتمام.. إنه ليس نباتا مفترسا أو هو على الأقل يتظاهر بالبراءة.. لقد أمضيت عاما كاملا مع هذا النبات ولم أر شيئا يثير ريبتي.. إلا أن هناك نقطتين هامتين يجب ذكرهما: النقطة الأولى: هي أنه يطلق زيتا عطريا معينا له خواص غامضة لكنه يسبب هلاوس سمعية وبصرية شنيعة وأنا أعرف أنك جربت هذه الهلاوس وهي خطيرة بالفعل بالنسبة لضعاف القلوب.. النقطة الثانية: هي أن النبات لا يحوي جزئ كلوروفيل واحدا مثله مثل النباتات الطفيلية كلها لكنه يحوي مركبا أحمر اللون لا أعرفه.. وهذا المركب يختزن الأكسجين ويطلقه على فترات متباعدة.. أعرف أن كلامي هذا يبدو سخيفا لكن هذا المركب يذكرني بالدم البشري إلى حد مفزع!!..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
16- أسطورة النبات.. الفصل الثالث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 16- أسطورة النبات.. الفصل الأول
» 16- أسطورة النبات.. الفصل الثاني
» 16- أسطورة النبات.. الفصل الرابع
» 16- أسطورة النبات.. الفصل الخامس
» 16- أسطورة النبات.. الفصل السادس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: