كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 16- أسطورة النبات.. الفصل الثاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

16- أسطورة النبات.. الفصل الثاني Empty
مُساهمةموضوع: 16- أسطورة النبات.. الفصل الثاني   16- أسطورة النبات.. الفصل الثاني Emptyالأحد فبراير 04, 2018 6:33 am

2- موكاسا نيجرا!..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جذبت فرملة اليد في اللحظة الأخيرة فمنعت الحادث المروع.. لماذا لم تستجب الفرملة تحت قدمي؟.. لا أدري بالضبط.. إن أشياء غريبة تحدث لي هذه الأيام.. ولعل حداثة عهدي بالقيادة لها دور ما في كل هذا.. المهم أنني نزلت لأتلقى إهانات أو توبيخات سائق السيارة الأوبل التي كدت أحطم مقدمتها فوجدته هو.. هو عماد بشحمه ولحمه ووسامته.. صحيح أن السنين لم تترك مفرقيه وشأنهما وصحيح أن تجاعيد دقيقة وجدت طريقها إلى ما تحت عينيه وحول فيه لكنه لم يتبدل كثيرا.. وكان يضحك مما أكد لي أنه تعرف عليّ بذات الكيفية رغم أننا لم نلتق منذ خمسة أعوام..
- رفعت.. أرى أنك ازددت قبحا وخبالا!..
=وأنت ازددت وقاحة!..
وتعانقنا.. وبدأنا نتبادل المعلومات عن الشلة.. عادل أصبح نقيبا ونزح إلى الاسكندرية.. كان دائما محظوظا وسيظل..لقد تزوج!.. تصور هذا المخبول قد فعلها وازداد عدد المعتوهين واحدا.. بل اثنين لأن ممدوح فعلها هو الآخر بمجرد أن استلم عمله في البنك.. أما عزت فترك سميرة بعد خطبة طالت.. كذا قصص الحب دائما تنتهي نهاية مأساوية.. إما الفراق وإما الزواج!.. للأسف لم يمت أحد.. لكن محمود مريض جدا.. من الواضح أنه سرطان الدم.. ياللبائس!.. لماذا لم يخبرني بذلك وأنا متخصص في أمراض الدم؟.. لأنك حمار يا عزيزي رفعت!.. من المستحيل أن نثق في أصدقاء صبانا وأن نسلمهم حياتنا مهما بلغوا من مناصب عليا.. لقد كنت تخطف منه الفيشار فكيف تريده أن يأتمنك على خلايا دمه؟!.. ضحكنا كثيرا جدا.. وذاب الزمان والمكان ولم تبق سوى اللحظة.. وأقسم أغلظ القسم على أن أذهب معه إلى داره لتناول طعام الغداء وازداد تشبثا لما علم أنني لا أملك عيادة خاصة.. وهكذا لم أر مفرا من الذهاب معه لأنني لم أكن أملك مواعيد لألغيها.. كما أنني كنت بالواقع راغبا في العودة إلى النهر القديم.. كان يعيش في الزمالك وحيدا.. فيللا أنيقة حديثة الطراز من طابق واحد فقد كان ميسور الحال كما أخبرتكم ويجلس على بوابتها بواب نوبي عجوز ويمرح في حديقتها كلب من طراز البلاك جاك لم يمنعه من افتراسي حيا سوى زجر عماد له أنه من الخطأ افتراس الضيوف.. كانت الحديقة هائلة.. وهائلة هي الصفة الوحيدة التي يمكن أن تنعت بها هذا الدغل من الأشجار العملاقة الملتفة التي وصل بعضها إلى أحجام جديرة بأفلام الخيال العلمي.. وحتى نبات الفيكس البائس الذي تحول في شقتي إلى حزمة من الفجل بدا عنده كوحش أسطوري قادم من غابات الأمازون.. وكانت هناك صوبة زجاجية يصل طولها إلى ثمانية أمتار تتبدى خلف زجاجها المغطى ببخار الماء أوراق هائلة الحجم لنباتات أذكر منها شكلها دون أسمائها.. قلت في شئ من الذهول:
=إنك تجيد مهنتك حقا!..
ضحك متهكما وهز كتفيه:
- لم أتخرج في كلية الزراعة فلا دور لدراستي إذن في هذا النماء.. إنه نموذج لما يمكن أن يقدمه علم خواص التربة..
=كنت أظن تخصصك هو النبات..
- طبعا.. لكن علم النبات ليس هو العلم الذي يخبرك بالضرورة بأفضل الطرق لزراعة حديقتك..
ودخلنا الفيللا الأنيقة التي ينطق كل ركن فيها بالذوق السليم.. شئ مستفز!.. ولا قطعة أثاث في غير موضعها.. ولا تشكيل لوني واحد غير متناسق مع ما حوله.. أما الأسوأ فهو أن كل هذا كان مطبوعا بطابع البساطة المحببة.. بلا تكلف ولا جهد.. واتجه عماد إلى ركن القاعة وانتقى بعض الأسطوانات من مغلف أنيق وسألني:
- هل تحب فاجنر؟..
قلت في فتور - فأنا بالمناسبة عدو الموسيقا الكلاسيك رقم واحد - :
=أحبه إلى درجة أنني أفضل الموت ما لم أستمع إليه!..
هتف في مرح وهو يضع الأسطوانة على جهاز جرامافون جميل الشكل:
- رائع!.. والآن فلنصغ معا إلى صراع الأرواح القلقة التي أبدعتها عبقرية هذا الساحر.. إنني لا أمل هذه التحفة..
وتصاعدت من مكان ما بالقاعة النغمات القدرية الدوامية المميزة لطائر النار فشعرت أنني أحلق معها.. من العجيب أنني لم أكن أعرف اسم هذا العمل لكني فردت جناحين وهميين أطير بهما فوق آفاق لم أرها في حياتي لعوالم لم يزرها بشر.. وفي أثناء هذه الملحمة دق جرس الباب فاتجه عماد ليفتحه وكان هذا هو البواب الذي ناول عماد لفافة ما.. وعاد عماد حاملا اللفافة وأحضر طبقين وأدوات طعام وكوبي ماء وأعد مائدة صغيرة في قاعة الجلوس تصلح لنتناول عليها ما جلبه البواب من المطعم المجاور وكان هذا كبابا ساخنا وكان هذا كافيا ليغيب الأخ فاجنر في غياهب النسيان فلم تبق منه سوى ضوضاء مبهمة في مؤخرة وعيي.. وارتفعت أصوات المضغ والازدراد فالهضم.. سألته وأنا ألعق شفتي:
=تعيش على الطعام الجاهز؟..
- أجده أكثر ملاءمة لحياة عملية.. إن مطبخ هذه الفيللا لا يحوي وعاء طهي واحدا..
=هذا شأني أنا الآخر..
ونظرت له شاردا.. لا أدري لماذا يا عماد أفتقر فيك الكثير من نزق الماضي ومرحه؟.. أنت هو أنت ولكن في طبعة ماسخة فاترة.. لماذا تعيش وحيدا في هذه الفيللا الكئيبة؟.. لماذا فارقت أسرتك؟.. لماذا لم تتزوج بعد؟.. إن البرد يطل من كل ركن في هذا المكان رغم أناقته.. لأنها حياة بلا صديق.. بلا أهل.. بلا أطفال.. بلا زوجة.. أعرف أن حياتي الخاصة لا تختلف عن هذا كثيرا لكن وضعي يختلف.. فأنا وقتها كنت في طريقي للسفر إلى اسكتلندا للحصول على درجة الدكتوراة في أمراض الدم تحت إشراف السير جيمس ماكيلوب وكنت سأقابل ماجي ابنته التي ستكون السبب الحقيقي في عدم زواجي.. كانت ظروفي لا تسمح بتكوين أسرة وقتها.. لكن ذلك لم يكن شأن عماد.. بعد الكباب وبعد أسطوانة فاجنر سألته عما يجول بخلدي من خواطر فنهض ليضع أسطوانة لموتسارت رغم احتجاجي الصامت وقال وهو يعود ليجلس:
- قلت لك مرارا يا رفعت إنني روح قلقة.. روح لا ترضى بأي شئ من الأشياء التي يحبها أصحاب الأرواح المترهلة المتراخية.. إنني ثري لكنني تعس.. ناجح في عملي لكنني تعس.. لو تزوجت من فتاة حسناء سأظل تعسا.. لو رزقت بأروع طفل في العالم سأظل تعسا..
وفكر لحظة ثم أردف ببيت شعر لأبي العلاء المعري يقول:
ولو أن النجوم لدي مال.............نفت كفاي أكثرها انتقادا
كان هذا هو لقاؤنا الأول بعد سنوات الفراق.. ولم أكن أعلم - ولم يكن هو يعلم - أن فراقنا سيطول كثيرا وأننا لن نلتقي إلا في عام 1968أي بعد ثلاثة عشر عاما كاملا تغيرت فيها أشياء وأشياء.. لقد سافرت إلى اسكتلندا جامعة داندي ثم عدت من هناك وبدأت رحلة حياتي العجيبة التي اصطحبتكم فيها معي منذ قصة مصاص الدماء وحتى هذه القصة التي أحكيها لكم الآن.. بالطبع لم أملك وقت فراغ يسمح لي بإعادة الاتصال بعماد.. ولم يكن هو يعرف طريقة اتصال مؤكدة بي لأن عنواني تبدل.. لكن الأرض مستديرة أو كما يقولون مصير الحي يتلاقى.. وكان اللقاء الثاني في تلك الأمسية التي عدت فيها لداري منهكا شاعرا بالوحدة والوحشة في الأيام التي تلت انفصالي عن هويدا.. كدت أختنق من ثقل الساعات فوق روحي وقد كنت في البداية أستطيع زيارة هن-تشو-كان الكاهن الأخير في شقته.. أما وقد آثر البقاء في التبت فلم يعد لديّ سوى عزت جاري المثالي.. وبالطبع لم أجده فعلمت أنه في الاسكندرية كعادته يبحث عن وحي جديد.. إلى أين أذهب إذن؟.. وهنا تذكرت عماد فجأة كما ينحسر المد عن سفينة غارقة نساها الناس منذ قرون.. لم لا أكرر زيارتي له؟.. ترى هل تزوج؟.. ترى هل سافر؟.. ترى هل مات؟!.. ودونما تفكير وجدتني أقود سيارتي في شوارع الزمالك معتصرا ذاكرتي بحثا عن مكان الفيللا التي زرتها منذ ثلاثة عشر عاما.. أخيرا وجدتها.. لم يتغير شئ سوى إهمال واضح في الحديقة والبواب النوبي العجوز ما زال جالسا يدخن الجوزة ويبصق ويصغي للمذياع الصغير الذي وضعه جواره على الدكة.. دنوت منه وسألته وقلبي يخفق عن د.عماد فسعل ثلاث مرات وأمرني أن (إستنى هنا) بصيغة التأنيث التي يستعملها النوبيون.. وهرع إلى داخل الفيللا.. بضع دقائق ثم عاد لي يدعوني للدخول..
=ولكن الكلب؟..
- لم تعد هناك كلاب.. ادخلي ولا تخافي..
وفتح لي البوابة عن آخرها فدلفت منها أجر قدما وراء قدم ما بين صفوف الأشجار العملاقة التي أجهل اسمها والنباتات التي جاءت لتوها من المريخ.. غريب هذا السكون.. السكون المريب.. لا صوت هنالك سوى صوت أعشاب تتهشم تحت حذائي وثمة سحلية صغيرة بائسة تختفي في وجل بين الخضرة وقد أزعجها قدومي غير المتوقع..
كان هناك خرطوم مياه على الأرض يفرغ تيارا منتظما من الماء على جذور شجيرة برتقال طفلة..
فمضيت أتتبع ذلك الخرطوم عالما أنه سيقودني إلى صنبور ربما يقف عماد جواره..
وهنا وجدت حوضا صغيرا به نباتات لم أر مثلها في حياتي..
كانت الأوراق مسودة وحافاتها حمراء كالدم..
وكانت أشواك حادة بشعة المظهر تحيط بكل ورقة على امتداد محيطها..
ارتفاع النبتة يقترب من المتر ولها رائحة غريبة لم ترق لي كثيرا..
وجدت لافتة خشبية صغيرة مزروعة على حافة الحوض كتبت عليها بحروف لاتينية (موكاسا نيجرا)..
إذن هذا هو اسم النبات..
غريب أن يكتب أحدهم أسماء النباتات في حديقته كأنه معرض أو متحف تعليمي..
إن نيجرا كلمة لاتينية معناها أسود..
وما دام هذا النبات أسود فلابد أن نبات الموكاسا ألبا -أي أبيض- ينتظر على بعد أمتار من هنا..
مشعلا سيجارة - للأسف كانت محاولتي للإقلاع قد فشلت- مضيت أتأمل المزروعات واضعا يدي في جيبي..
لم تكن ثمة أسماء أخرى فقد انتهى دور عماد التعليمي عند نبات الموكاسا فيما يبدو ومن الواضح أنه يعلق أهمية معينة على هذا النبات..
كنت مديرا ظهري للنبات الذي وصفته لك وقد انحنيت أتأمل النباتات الأخرى في فضول..
النباتات ذات المظهر المألوف لي..
حين حدث شئ مفزع..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
16- أسطورة النبات.. الفصل الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 16- أسطورة النبات.. الفصل الأول
» 16- أسطورة النبات.. الفصل الثالث
» 16- أسطورة النبات.. الفصل الرابع
» 16- أسطورة النبات.. الفصل الخامس
» 16- أسطورة النبات.. الفصل السادس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: