كانت صياغتي لخطاب طويل وصلني من الصين بخط هن- تشو- كان وبلغة إنجليزية لا بأس بها.. واضح أن تعامله مع النرويجيين جعله يصمم على إجادة الإنجليزية ولربما هو عاكف على تعلم النرويجية الآن!.. لقد قابل هن- تشو- كان رجل الثلوج وعاش قصة طويلة معه.. لكن للأسف تظل قصته مجرد قصة أخرى كقصص شيسون وهيلاري وهنريك ألواس غير مدعمة بصور ولا نماذج محنطة للمي- جي ولا شئ من أي نوع سوى شهادة البروفيسور والزوجة -أعني الأرملة- والمستكشف هانسن.. لكن هن- تشو- كان لا يعبأ بكل هذا ولا يصبو إلى أي نوع من الشهرة.. كان يشعر بقدرته على إنقاذ أنسلن وقد فعل.. من أين جاء المي-جي؟.. لا أحد يدري.. لكن تظل هناك إشارة عابرة من الأخ ميانج إلى السماء حين سأله الفتى نفس السؤال ثم الاسم الموحي للشراب الذي قدموه للوحوش شراب النجوم.. أضف إلى ذلك النظرية التي يعتنقها عدد لا بأس به من العلماء وأن الياتي جاء من الفضاء وبالتحديد من أحد الكوكبين بلوتو أو أورانوس حيث المناخ وضغط الأكسجين يماثل تماما مناخ التبت وضغط هوائه المنخفض.. هي نظرية لها ما يدعمها.. وكيف جاء؟.. لا أحد يعلم.. إن التاريخ حديث الولادة فهو لا يسجل شيئا عن شعوب كاملة عاشت دهورا وبادت فماذا يعرف التاريخ عن الظروف التي نشأ فيها المي-جي من ملايين السنين؟!.. لا أظن أننا سنعرف الإجابة أبدا.. كل ما يعنيني هو أنني أضفت إلى خبراتي خبرة جديدة لا بأس بها أبدا وإن كنت أتمنى لو أن لدي من الشجاعة واللياقة البدنية ما يسمح لي بالذهاب هناك إلى ثلوج التبت لأرتدي حذاء التسلق وأمارس حياة المغامرة كما فعل هؤلاء.. لقد أدركت مدى عجزي وضموري وأنا أقرأ ما فعله هن- تشو- كان حين حوصر في الهواء بين ستة من المي-جي.. فكلما قرأت هذه الفقرة ارتجفت وزاد سعالي وازداد شعوري بالتعاسة.. لكن يعزيني أنني لم أكن دائما هذا الكهل المحطم.. لقد واجهت وحش لوخ- نس وذهبت لحملة في الصحراء بحثا عن كهوف تسيلي والتقيت بالعساس حارس الكهوف وفررت هاربا من الزومبي.. لقد عشت حياة حافلة ولم تزل أحداث جسام تنتظرني.. والآن حان الوقت كي.. أسمعكم تسألونني عما حدث لهن- تشو- كان؟.. إنه لم يعد بعد ويبدو لي أنه سيظل في التبت فترة طويلة لكنه سيعود حتما كما قال.. وعندئذ ستكون لنا لقاءات أخرى وأساطير جديدة.. والآن حان الوقت كي أفارقكم.. و.. للأسف لم يذكرني أحدكم بإصلاح فريزر ثلاجتي.. لا داعي لذلك فقد أصلحته وإنني لشاكر لكم حسن رعايتكم لي!.. كنت أظن أنني سأعيش فترة هادئة بعيدا عن المشاكل خاصة وأن الكاهن الأخير تكفل في هذه المرة بأن يعيش المشاكل بدلا مني.. لكني كنت كالعادة واهما.. لقد رحل هن- تشو- كان ولم يعد معي سواي والنبات كان يتحرك قادما من أجلي..
لكن هذه قصة أخرى..
د.رفعت إسماعيل..
القاهرة 1993