كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 15- أسطورة رجل الثلوج - الفصل الأول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

15- أسطورة رجل الثلوج - الفصل الأول Empty
مُساهمةموضوع: 15- أسطورة رجل الثلوج - الفصل الأول   15- أسطورة رجل الثلوج - الفصل الأول Emptyالأحد فبراير 04, 2018 6:23 am

الجزء الأول: ((حكاية من التبت))
صوت أنفاس لاهثة جشعة.. أنفاس شئ ما يلصق أنفه بقماش الخيمة على بعد أمتار منه!
1- شئ ما..
ـــــــــــــــــــــــ
العاصفة من جديد.. تتكاثف ندف الثلج الأبيض وكأنها تتعلق بثوب الطبيعة الأسود.. وخناجر البرد تخترق نخاع العظم محاولة انتزاعه خارجها.. الرؤية متعذرة.. والحديث لا يُفهم ربما بسبب أصوات الرياح وربما لأن أكثره يخرج من بين أسنان مطبقة مرتجفة وربما لأن عباراته تقال باللغة النرويجية.. وما أصعبها لغة!.. لن أضيع الوقت في وصف ملامح الرجال.. فكل النرويجيين يتشابهون: نفس ذوي اللحى الصفراء المشعثة والعيون الزرقاء.. والأسوأ هنا أن النرويجيين يتشابهون بشدة حين يرتدون الفراء ومناظير الثلوج.. لهذا سأكتفي بالقول بأنهم ثلاثة.. وأن أسماءهم هي: أنسلن.. سيجفريد.. وهانسن.. وأن أولهم هو أقواهم شخصية فلابد أنه القائد.. المكان: منطقة منولنج المتجهة نحو قمة إفرست.. الارتفاع: ستة كيلومترات فوق سطح البحر.. لهذا يسمونه سقف العالم.. درجة الحرارة: يمكنكم تخيلها!.. الزمان: أواخر صيف 1967.. الحدث: لقد ضل هؤلاء السادة طريقهم ولا فخر.. تعليق على الحدث: من الغريب أنه ليس معهم دليل.. إنهم يعتمدون ككل الأوربيين على البوصلة والخرائط ولعمري هذا خطأ قاتل.. خطأ من النوع الذي يكون الأخير دائما.. لقد استطاع مواطنهم رولند أمندسن أن يستكشف القطب الجنوبي لكن حسن الحظ ليس قاعدة يُركن إليها وليس النجاح حليف الإنسان دائما لمجرد أنه نرويجي.. حتما سيلقى هؤلاء السادة حتفهم.. ولكن دعنا نرى ذلك بأنفسنا.. كانوا محتشدين في الخيمة التي اتخذوها معسكرا لهم.. وكانوا قد أشعلوا موقد البريموس ليعدوا بعض الشاي على حين شرع هانسن يقسم بمطواته بعض قطع اللحم المقدد ليأكلوها أما سيجفريد فقد أشعل غليونه وشرع يراقب حلقات الدخان الرمادي المتصاعدة وفي عينيه شعور بالهباء والخواء.. بدأت قطع الثلج تذوب في الوعاء الذي وضعوها فيه فتصاعد بخار دافئ محبب للنفس.. فقط من يضلون طريقهم في الصحاري الجليدية يعرفون قسوة هذا الشعور.. الحاجة لأن تشرب النار.. لأن تشمها.. لأن تحتضنها غير عابئ بشئ سوى الدفء الذي ستبعثه في أوصالك مذيبة كرات الدم المتجمدة ونخاع العظام المثلج.. وعندئذ سيسري الدم في عروقك.. وسيكون لسريانه ألم أي ألم.. لكنه ألم لذيذ..
- لنرتب أفكارنا..
قالها أنسلن وهو يفرد الخرائط في صعوبة لأن القفاز يعوق حركة أنامله.. وقال بعد ثوان:
- نحن ضائعون تماما.. صحيح أن معنا ما يكفي من المؤن لكنها ليست خالدة بحال.. نحن نتحرك.. ولكن إلى أين؟..
نفث سيجفريد المزيد من دخان التبغ.. وغمغم:
- اطمئن.. إننا متفقون على محاولة العودة..
- ولكن كيف نعود؟..
- لقد كنا نصعد.. إذن فالأمر سهل.. كل ما علينا عمله هو أن نهبط..
تأمل أنسلن ما أمامه من خرائط في ضيق.. فهو من النوع نافد الصبر الذي لا يقبل الأمر الواقع أبدا ويصعب عليه إدراك حقيقة أنه أحيط به.. وقال:
- لو أننا فقط استطعنا الوصول إلى نهر يانجتسي كيانج.. سيكون هو مفتاح عودتنا إلى عالم الأحياء.. أعرف أنه متجمد لكن مجراه سيقودنا إلى النجاة..
هرش هانسن رأسه الأشقر بطرف المطواة وقذف بشريحة لحم إلى فمه وقال:
- على كل حال.. إن من يهبط لا يمكن أن يضل الطريق.. إننا في كل الأحوال سنصل إلى أحد الوديان..
وتناول وعاء الشاي ليصب منه في الأقداح.. كان ذلك حين دوّى صوت الزئير..
***********************
عميق هو ذلك الزئير.. موحش كالموت.. كئيب كالظلام.. مريع كقصص الغيلان التي تحكيها الجدات لأحفادهن ليلا.. طويل كالأبد.. امتد الصوت إلى ما لا نهاية ثم بدأ يذوب متهشما فوق سفوح الجبال الثلجية.. لم يبق منه سوى فتات متجمد.. توقف هانسن عن المضغ.. وكف سيجفريد عن نفث حلقات الدخان.. وتقلصت يدا أنسلن على الخريطة.. ولبضع ثوان بدا وكأن المشهد كادر ثابت من فيلم سينمائي.. ثم إن أنسلن - بحكم قوة شخصيته وسرعة بديهته - كان أول من استعاد توازنه.. فالتفت نحو الآخرين بجدية وهمس:
- ما هذا؟..
- ذئب.. بالتأكيد.. لا يمكن أن يكون سوى ذئب..
بصق أنسلن في اللهب مزدريا.. وطوى ما يمسكه من أوراق وتحسس بندقيته في عصبية:
- هراء.. مستحيل أن يكون هذا ذئبا..
- إذن هو دب أو فهد..
- أنتما تعرفان كما أعرف أن هذا الصوت لا يمت بصلة لأي حيوان نعرفه..
- ولكن.. ما جدوى أن نعرف؟..
نظر لهما في شرود.. ثم عاد للجلوس متظاهرا بالاسترخاء ولكن سدى.. كان الزئير كذبابة سقطت في كوب من الحليب فجعلت من شربه أمرا مستحيلا.. حتى لو تظاهرت بأنك لا تعبأ بها.. لقد شرخ إحساسه بالأمان ولن يلتئم هذا الشرخ ما لم يعلم ما حقيقة هذا الزئير.. تقلصت يداه على قدح الشاي وشرع يرشف جرعات كبيرة عصبية وعيناه مسافرتان إلى أرض أخرى.. زوجته نورا وطفله كرست.. ماذا يفعلان في هذه اللحظة؟.. إنه أغسطس.. لابد أن نورا تزور والديها في بيتهما الريفي ولربما تذكرته في هذه اللحظة بالذات.. ولربما تمنت له التوفيق متوقعة أنه سيعود لها بأمجاد عظيمة بدلا من أن يقضي نحبه كالفأر بين الثلوج إما صريع البرد وإما صريع ذلك الوحش الافتراضي الذي لا يدرون كنهه.. حبيبتي نورا.. لكم أتمنى لو كنت في مكان آخر في هذه اللحظات.. لكن لأتماسك ولا أدع هذين الغريرين يدركان ما يدور ببالي وإلا انهارا تماما.. وشعر بقشعريرة تزحف على ظهره ببطء.. تمنى لو أدار ظهره للهب.. لكنه رأى أن هذا التصرف سيبدو سخيفا أمام مرافقيه.. بعد دقائق تردد الزئير مرة أخرى.. لا نجد وصفا يصفه أكثر مما قلناه في المرة السابقة.. لكن الحقيقة التي يجب ذكرها.. الحقيقة التي لا ينبغي أن تفارق ذهننا هي أن الزئير كان يقترب!.. لا شك في ذلك.. وازداد أنسلن توترا.. قال هانسن وهو ينظر للهب المتراقص:
- البرد والظلام والثلوج اللامتناهية في الخارج.. بينما في الداخل الدفء والضوء والأمان.. إن هذا التناقض يثير هلعي ولا أدري السبب..
همس سيجفريد وهو يسعل:
- الحقيقة هي أنني لا أجرؤ على إخراج رأسي من الخيمة ولو دفعوا لي الذهب الذي في العالم كله..
ثم التفت نحو أنسلن وسأله:
- فيم شرودك يا ريّس؟..
- الياتي..
كلمة واحدة من بين شفتي أنسلن لكنها كانت كالقنبلة في وجهي الرجلين.. وللحظة ساد الصمت.. كانا يعرفان جيدا عم يتحدث.. يعرفان جيدا معنى هذه الكلمة.. وكلاهما يتمنى ألا يكون هذا صحيحا..
- هراء..
قالها سيجفريد بنبرة توحي بأنه لا يعني ما يقول حقا.. تساءل أنسلن في ضيق:
- تذكرا يا صديقي أن هذا هو المكان بعينه الذي شاهد فيه المستكشف البريطاني إريك شيسون ومرافقوه رجل الثلوج.. كان ذلك منذ ستة عشر عاما..
- وهل تمكن من القبض عليه؟..
- بالطبع لا.. لقد وجد آثار الأقدام الغريبة فأخبره الدليل الذي كان يرافقه - وهو من قبائل الشيربا - أن هذه آثار قدمي الياتي وأصر المستكشف البريطاني على اقتفاء أثر هذا المخلوق.. وكان أن وجد اثنين لا واحدا إلا أن الكائنين فرا بين شقوق الصخور..
وابتلع ريقه ونظر لأعلى وقال في رهبة:
- إن الياتي يسيطر على هضبة التبت سيطرة مطلقة برغم أن أحدا لم يره إلا مصادفة..
إذن هم الآن في دائرة نفوذ الياتي ومعنى هذا أنهم تحت رحمته وأنه لا مفر لهم إلا في التظاهر بأنه غير موجود وذلك حتى يتمكنوا من العودة أدراجهم.. هذا بالطبع إذا ما كان الزئير زئيره.. عواء الريح يتزايد في الخارج.. الدفء المحبب للنفس ورائحة التبغ وضوء اللهب المتراقص بالداخل.. إننا في أمان.. في أمان.. وتمر الساعات.. لا شئ سوى النعاس اللذيذ - كالخدر- يزحف للعيون واسترخاء بطئ في العضلات التي قضت يوما شاقا.. وتراخ محتم في الأذهان التي أنهكها البحث عن مخرج.. كأنما العاصفة قد هدأت وهمدت الأمواج بعد طول فوران.. هل كان ذلك في الثانية بعد منتصف الليل؟.. لا يذكر بالضبط ولا يعنيه أن يذكر.. كان هانسن هو الوحيد الذي بقي مفتوح العينين يرمق اللهب ويحصي أنفاس زميليه المنتظمة.. هو الوحيد الذي لم يتزوج ولم تكن له أسرة.. لهذا لم يكن لديه ما يفقده أو يخشاه.. إذن لماذا الخوف؟..
لماذا يخفق فؤاده هلعا بهذا الشكل المخزي؟.. تمنى لو أنه حازم قوي الشخصية مثل أنسلن.. أو مراقب ساخر لا يبالي بشئ مثل سيجفريد.. لما يحب الحياة بهذه القوة؟.. الحياة التي لم تهبه سوى الهزائم حتى أنه فكر في الانتحار مرارا.. لكنه في كل مرة كان يزداد تشبثا بها ويفطن إلى أنه ما زال يخشى السيارات المندفعة والكلاب المسعورة وحوداث الطائرات.. وفي مرارة تساءل: هل الشجعان هم أشخاص أقل حبا للحياة من سواهم؟.. مستحيل أن يكون تشبثه بالحياة أقوى من تشبث أنسلن الثري الناجح الذي يملك زوجة حسناء وطفلا جميلا يهيمان به.. إذن ما السر؟.. عزى نفسه بتفسير مرتجل يقوم على أن الأعصاب وراثة.. فكما أن هناك أشخاصا أطول قامة من سواهم - ولا فضل لهم في ذلك - فهناك أشخاص أقوى أعصابا من سواهم.. وكما كان هناك دوما الوسيم والقبيح فسيظل هناك دوما الشجاع والجبان.. كان غارقا في هذه التفسيرات حين سمع الصوت.. صوت أنفاس لاهثة جشعة.. أنفاس شئ ما يلصق أنفه بقماش الخيمة على بعد أمتار منه.. صوت الاحتكاك.. صوت رقائق الجليد تتهشم.. ثم يبتعد الصوت اللاهث.. أسوأ ما في الأمر هو أن الصوت بدا له وكأنه يحاول ألا يوقظ الموجودين!.. صوت لص يتسلل من نافذة بيت يعرف أن أهله بالداخل.. وتجمد الدم في عروقه.. فتح فاه ليصرخ.. ثم رأى أن يهمس بصوت مسموع ويد مرتجفة مدها ليهز أنسلن الذي رحل بعيدا إلى النرويج منذ ساعتين..
- أنسلن..
- همممممممممممم؟..
- ثمة شئ.. ما..
- هممممممم؟..
- أقسم لك!.. استيقظ.. إنه على بعد مترين!..
فتح أنسلن عينيه أخيرا.. كانتا شديدتي الاحمرار مغطيتين بغشاوة من النعاس.. وصاح غير مدرك لما يحدث:
- عم تتكلم بالضبط؟..
وهنا.. تمزق قماش الخيمة وتسرب إليها البرد والجليد والظلام.. وشئ آخر..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
15- أسطورة رجل الثلوج - الفصل الأول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 15- أسطورة رجل الثلوج - الفصل الثاني
» 15- أسطورة رجل الثلوج - الفصل الثالث
» 15- أسطورة رجل الثلوج - الفصل الرابع
» 15- أسطورة رجل الثلوج - الفصل الخامس
» 15- أسطورة رجل الثلوج - الفصل الثاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: