كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 13- أسطورة البيت - الفصل الثامن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

13- أسطورة البيت - الفصل الثامن Empty
مُساهمةموضوع: 13- أسطورة البيت - الفصل الثامن   13- أسطورة البيت - الفصل الثامن Emptyالجمعة فبراير 02, 2018 5:04 am

8- إنه حي..
ــــــــــــــــــــــــــ
كنا موقنين أننا سنراها.. لكننا لم نكن نملك أدنى فكرة عما سنشعر به لو حدث ذلك.. في أعماقنا تمنينا أن تكون قد رحلت.. لم يكن أحدنا راغبا في رؤية ذلك الوجه الشائه مرة أخرى خاصة على ضوء البطارية الخافت باعث الظلال.. ها هي ذي عبير بقامتها الناحلة تنزع عن وجهها خيوط العنكبوت الكثيفة.. وعماد يرتجف كالعادة.. وأنا أتظاهر بالثبات.. أما مدحت فهو أكثرنا جرأة واقتحاما لهذا تحول إلى قائد مرتجل لجماعتنا الصغيرة.. المائدة الطويلة حولها مقاعدها الكابوسية.. والمزهرية العملاقة والشمعدان.. الستائر المنسدلة.. تماثيل المستحمات البرونزية تتلوى في أوضاع حاول المثال أن يجعلها مغرية.. المرايا العديدة التي فقدت طبقة طلائها.. همست في أذن مدحت:
=هل تذكر قصة شارلز ديكنز الشهيرة (توقعات عظيمة)؟.. الآنسة العجوز التي ظلت قاعة المائدة في دارها خمسين عاما بحالتها حتى تورتة العرس والمشروبات.. لقد نسيت اسمها..
- لا أقرأ هذا الهراء الذي تقرؤه.. وليس الوقت مناسبا لاستعراض ثقافتك..
=لا حيلة لي في هذا.. إن كل موقف في حياتي يذكرني بموقف مماثل في عمل أدبي و..
إن عبير متصلبة كالتمثال.. فماذا حدث؟.. دنوت منها ونظرت لعينيها متسائلا عما هنالك.. همست وهي ترمق مقعدا إلى جوار كونسول صغير مذهب:
- رفعت..
=ماذا؟..
- إنه حي..!..
كفاك سخفاً يا عبير.. بالله عليك كفى عن هستيريا النساء لحظة واحدة.. لقد رأيت المقعد يتحرك.. فلنقل إنك اصطدمت به.. فلنقل إنها رقصة الظلال.. فلنقل إنك حمقاء.. فلنقل أي شئ.. لكن لا تزعمي لحظة أنه يتحرك حركة ذاتية.. صاح مدحت في ضجر:
- يا إخوان.. لقد دخلنا هذه الدار لنواجه أشباحا فليس غريبا أن نرى كرسيا يتحرك.. إن من يذهب لصيد النمر لن يضايقه كثيرا أن يرى آثار مخالبه على الأرض..
وهكذا.. شرعت وأولاد خالي نفتش الطابق السفلي على ضوء البطاريتين فلم نجد شيئا غير عادي.. مجرد بيت لم تدخله قدم منذ عقود.. وهنا صاح عماد وهو يشير للأرض مسلطا ضوء البطارية:
- انظروا..
فنظرنا إلى الأرض المكسوة بطبقة كثيفة من غبار الأعوام.. كانت هناك آثار أقدام.. أقدام صغيرة عارية كأنها لطفلة مشت حديثا في هذه القاعة.. شيراز كانت حافية في أغلب الأوقات التي عرفتها فيها ومن الغريب أن هذا لم يبد شاذا لنا قط.. لو كانت هذه آثارها فإن لها وجودا ماديا.. ولكن هذا حتمي فلقد كانت تلعب معنا ونلمسها ونجرحها.. فهي لم تكن طيفا بل كتلة إكتوبلازمية متجمدة.. إن شيراز هنا.. وبالتحديد من فترة قصيرة جدا.. استنتاج لا بأس به.. أما الاستنتاج الأهم فهو أنها -آثار قدميها- تتجه في ثقة إلى الطابق العلوي.. همس مدحت وقد غلبته الرهبة:
- إذن سنجدها هناك..
=بل هي تريد منا أن نذهب هناك!..
**********************
=سأموت إذا طلبت مني ذلك..
- إذن..مت!!
**********************
قال مدحت وهو يتحاشى النظر لنا:
- من الحمق أن نصعد جميعا.. بل الأفضل أن ينتظر اثنان منا هاهنا حتى ينجدا الآخرين في حالة الخطر..ومن يدري؟..ربما كان الاثنان اللذان سيصعدان هما منقذا الآخرين اللذين سيبقيان هنا!..
لهذا السبب -ولأنني أكره دور المنتظر القلق- قررت أن أكون من الصاعدين للطابق الأعلى.. وكانت المشكلة هي الحاجة الماسة لشخص جرئ مثل مدحت في المكانين معا.. ثم استقر الرأي على أن يصعد معي..
على ضوء البطارية نرى درجات السلم الخشبية العتيقة مغطاة بأطنان من الغبار وآثار القدمين الصغيرتين.. نشم رائحة الأعوام.. ونسمع تهشم الخشب الرطب.. ونشعر باقتراب كارثة من نوع ما..
**********************
- أصدقاء شيراز؟..مرحبا بكم..إن أصدقاء ابنتي هم أبنائي..
***********************
إنه الطابق العلوي حيث غرف النوم.. سنقوم بدور ثقيل على النفس هو فتح هذه الأبواب الموصدة باباً باباً باحثين عن شئ لا ندري كنهه.. الباب الأول.. فراش عتيق وستائر مغلفة بالعنكبوت و.. جو الغرفة يوحي بأنها غرفة نوم امرأة.. ربما الأم بالذات.. الباب الثاني.. لا ينفتح.. موصد بالمفتاح من الداخل أو الخارج لا أدري.. الباب الثالث.. غرفة نوم غارقة في الغبار وريح القدم.. والوطاويط..و.. ماذا؟..وطاويط؟!.. بالطبع!.. لقد نسينا أمرها ونسينا أن هذا البيت هو بيت الأحلام بالنسبة لها.. وهي هي ذي تلك الثدييات المجنحة البشعة تنطلق مرفرفة بأجنحتها السوداء في أرجاء الغرفة وقد أقلق سباتها صوت حركتنا.. أغلق مدحت الباب على الفور قبل أن تخرج هذه الكوابيس الحية لنا..
**********************
كل ما أرجوه هو أن تعودوا إليّ من وقت لآخر..
**********************
وهنا دوى الصوت.. في البدء ظننا أن المنزل ينهار فوقنا ثم أدركنا - بعد ثوان - أن هذا صوت باب ينغلق بشدة في الطابق السفلي.. تبادلت ومدحت نظرة عدم فهم.. ثم فجأة أدركنا ما حدث.. باب المنزل!.. هذا بالتأكيد هو صوته..!.. لقد انغلق علينا لنصير سجناء في هذه الدار الرهيبة.. همست بصوت كالفحيح:
=لكن كيف؟.. إنك قد ربطته بعناية..
ابتلع مدحت ريقه وهمس:
- المشكلة هنا أن هناك شيئا قد حدث لإلهام بالتأكيد!.. ما كانت لتترك الباب ينغلق وهي جواره..
قلت وقد أدركت خطورة الموقف:
=وعبير وعماد.. لو أنهما بخير لما انغلق الباب..
إذن هذا هو ما حدث.. إن حاجتنا لتأمين خط رجعتنا قد جعلتنا نتجزأ إلى مجموعات صغيرة.. إلهام على الباب.. عبير وعماد بالطابق السفلي.. أنا ومدحت بالطابق العلوي.. وهكذا تركنا جيوبا معزولة في عدة أماكن.. ترى ماذا أصاب الآخرين؟.. هرعنا جريا إلى الطابق السفلي فوق الدرجات العتيقة.. كان ضوء النهار قد بدأ يتسرب من شقوق النوافذ عبر تمزقات الستائر.. وقد غدا بإمكاننا أن نتبين ما يدور حولنا دون جهد كبير ودون استعمال ضوء الكشاف.. لم يكن هناك أثر للبائسين.. وحين جرينا إلى باب الشقة نتحسس مقبضه أدركنا أنه مغلق بإحكام.. ومن المستحيل فتحه.. إذن نحن معزولان في هذا البيت.. لا مخرج لنا ولا رفيق.. ولكن.. أين ذهب الجميع؟..
******************
=شيراز..أنا خائف..
- خائف وأنا معك؟..
******************
- لكننا لم ننته بعد.. لن ينجح البيت في حصارنا.. نستطيع دائما تهشيم النوافذ الخشبية المضعضعة والفرار قفزا من فوق سور الحديقة..
قالها مدحت في توتر محاولا أن يتماسك.. قلت في لهفة:
=إذن لنفعل ذلك الآن..
كان المزلاج الخاص بمصراع النافذة صدئا متجمدا في مكانه لهذا تشبثت في بقوائم الخشب وشرعت أهزها في جنون محاولا تهشيمها.. كان ذلك حين دوت الصرخة.. عميقة كانت.. مكتومة كانت.. قادمة من آبار الجحيم حيث تحترق أرواح الخطاة وأجسادهم.. وشعرت بالشعر على ساعديّ ينتصب.. ثم تبادلت نظرة مع مدحت حين عرفنا مصدر الصرخة.. وفي نفس اللحظة همسنا بصوت كالفحيح:
- عماد!..
شرعنا نثب درجات السلم إلى أعلى ثلاث درجات في كل وثبة غير عابئين بخطر تهشم الخشب العطن تحت كعوبنا.. كان الصراخ مستمرا آتيا من إحدى غرف النوم القديمة التي لم ندخلها بعد..
وبركلة واحدة فتح مدحت الباب لنرى على ضوء البطارية آخر مشهد توقعناه.. كان هناك حبل يتدلى من سقف الغرفة.. وكان هناك شئ ما معلق بالحبل يتلوى كالأفعى.. وكان هناك فراش عتيق الطراز.. أما على الأرض فكانت هناك أشياء مدببة بارزة لأعلى.. استغرقنا ثلاث ثوان لنفهم.. وثلاث ثوان أخرى لنصرخ هلعا.. وفي هذه اللحظة لمحناها.. شيراز.. كانت متربعة كالقطة فوق الدولاب الأثري الموجود بطرف الحجرة.. وكانت قدماها العاريتان الدقيقتان متدليتين على حافة الدولاب وهي تحركهما في استمتاع والظلال تكسو وجهها لكننا كنا نعرف أنها هي.. وسمعنا ضحكتها الرقيقة العذبة تغرد:
- لقد تأخرتم كثيرا في المجئ يا أحبابي.. ها هي ذي لعبة مسلية أخرى.. إن عماد معلق كما ترون إلى السقف بحيل متآكل في الواقع.. حبل ضعيف جدا أكاد أسمع صوت تمزق أليافه.. صه.. هل تسمعون؟.. كري كري توك.. هئ هئ.. وحين ينقطع الحبل سيهوي.. فوق ماذا؟.. فوق هذه النصال المدببة المشرئبة لأعلى التي ستحيل جسده البدين إلى مصفاة.. وأخذت تضحك على حين رأينا على ضوء البطارية أنها لم تكذب في حرف واحد..
- كري كري توك.. هاهاها!.. اللعبة هنا هي: هل يمكنكم إيجاد طريقة لإنزاله قبل كري كري توك؟.. إننا لم نله سويا منذ أعوام.. ويبدو أننا سنمرح كما كنا في الماضي أو أكثر.. هئ هئ!!..
الشيطانة!.. كان عماد يتلوى في جنون متوسلا لنا أن نفعل شيئا.. ثمة خطاف مثبت إلى الحبل وطرفه الآخر مشتبك في سترته.. لا أدري هل تتمزق سترته أولا أم الحبل.. كل ما أدريه هو أن أمامه ثلاث دقائق أو أقل قبل أن.. صحت في هلع:
=كف عن التلوي كالأفعى أيها الغبي!..إنك تزيد عمر الحبل قصرا!..
وأمسكت بيد مدحت في جنون متوسلا له أن يفعل شيئا.. توقف تفكيري تماما ولم يعد لدي سوى الأمل في أن يكون مدحت يقظا..
=مدحت.. فلنحاول التقاطه حين يسقط.. أنا وأنت..
دوى صوت شيراز المرح البارد القاسي يذكرنا:
- دقيقتان..!
همس مدحت في توتر:
- كلا: إنه ثقيل الوزن وسيكون أثقل عند سقوطه.. ثم إنه لا يوجد بين النصال مكان يسمح لنا بوضع أقدامنا وسينتهي الأمر بتمزيقنا جميعا..
=إذن نحاول تسلق الجدار وإنزاله..
- كلا.. كلا.. الجدار أملس.. وحتى إذا..
ولم يكمل عبارته لشرود ذهنه لكني فهمت.. حتى إذا تسلقنا الجدار فكيف نجذبه إلينا.. وكيف نرفعه؟.. لابد من فكرة أفضل.. كري كري..
- دقيقة..
الثواني تمضي ولم نجد فكرة مناسبة.. كري كري..
- ثلاثون ثانية..!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
13- أسطورة البيت - الفصل الثامن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 13- أسطورة البيت - الفصل الرابع
» 13- أسطورة البيت - الفصل الثالث
» 13- أسطورة البيت - الفصل الثاني
» 13- أسطورة البيت - الفصل الأول
» 13- أسطورة البيت - الفصل الخامس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: