كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 13- أسطورة البيت - الفصل السادس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

13- أسطورة البيت - الفصل السادس Empty
مُساهمةموضوع: 13- أسطورة البيت - الفصل السادس   13- أسطورة البيت - الفصل السادس Emptyالجمعة فبراير 02, 2018 5:03 am

6- الملاك المفترس..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تربعت على الفراش مرتديا منامة عماد أدخن سيجارتي الأخيرة (سيجارة ما قبل النوم وليس الموت طبعا) حين دخل عماد الحجرة.. فما إن شاهد سحب الدخان حتى أخذ يلوح بيده في الهواء كمن يختنق وهتف وهو يسعل:
- ماذا أقول في طبيب يدخن كأتوبيس الأرياف؟..
=نفس التعليق السمج الذي لا أسمع غيره.. إنني أدخن لأنني ضعيف الإرادة مزعزع الشخصية مختل النفسية.. فهل هذا ما تريد قوله؟..
- بالحرف الواحد..!
=إذن قد أرحتك من الثرثرة.. والآن هلم اجلس وقل لي ما يدور بخلدك..
تربع على الفراش جواري وبدأ يشرح لي مخاوفه.. كان الليل قد انتصف حين اندس تحت الغطاء جواري فأدركت في هلع أنه سينام معي على سبيل الترحيب!.. إنه بيته فلن أجرؤ على أن أطرده من الحجرة لينام في أي مكان آخر.. وزوجته تغفو مع ابنته في الفراش الآخر باعتبار هذا هو التنسيق الوحيد الممكن حتى لا ينام أحدنا على الأرض.. وبعد دقائق بدأ صوت شخيره المزعج فأيقنت أنه لا نوم في هذه الليلة السوداء..
************************
تك تك!..تك تك!.. خ خ خ خ خ خ خ!.. تك تك!.. خ خ خ خ خ خ خ خ!.. طريف هو امتزاج صوت شخيره مع صوت محرك الساعة.. والتزامن المثير للإعجاب.. أحداث يومي كلها تتشكل في الهواء الأسود كأنه شاشة وهمية تسقط عليها أشعة وعيي و.. صرير الباب.. ظل يرتمي على الأرض داخل الحجرة.. ثم سيلويت ابنته يملأ فتحة الباب المضيئة.. ماذا أتى بها إلى هنا؟.. إنها حجرتها على كل حال ولربما نسيت شيئا ما من كتب دراستها أو حاجياتها وجاءت لتأخذها في هدوء دون أن تزعجنا.. ها هي ذي تنسل في بطء إلى جوار الفراش.. صوت حفيف ثوبها الطويل.. وصوت قدميها الحافيتين.. وصرير الباركيه.. تأملت في شرود شعرها الطويل المنسدل على كتفيها يتلألأ في ضوء الصالة الباهت..و.. وهنا أدركت أنها ليست ابنة عماد!.. إنها بالتأكيد أطول قامة منها.. وسارة ابنة عماد لا تملك سوى بعض خصلات الشعر القصير على جانبي جمجمتها..!..
توقف قلبي عن الخفقان.. إن هذه الفتاة أو هذا الشئ يقترب في تؤدة من الفراش.. من الناحية التي أنام عندها.. إنني الآن أراها بوضوح.. كانت هي شيراز..!.. فـ..فـ..فتحت فمي لأ..لأصرخ لـ..لكن الكلمات بالطبع انحشرت في حلقي ثم.. ساد الظلام برهة عرفت بعدها أنني فقدت الوعي لجزء من الثانية.. لكني حين عدت لعالم الواقع كانت هناك واقفة جوار الفراش ترمقني بعينين زرقاوين شفافتين:
- رفعت.. ما زلت تذكرني..
=....................
- يجب أن تنقذني.. ألا ترى أنني أتحول إلى مسخ؟!..
وفي بطء فتحت فاها.. لسان مشقوق كلسان الأفاعي ينزلق ما بين صفين من الأنياب البيضاء اللامعة..
- يجب أن تفعل شيئا.. أرجوك!!..
سأصرخ.. هذه المرة سأصرخ ولن تحتبس الحروف في حلقي.. أصرخ.. أصرخ.. استيقظ عماد مفزوعا فما إن رأى ما رأيت حتى فهم على الفور ما هنالك.. وكانت مشاركته ذلك الأبله فعالة حقا إذ احتضنني في هستيريا وشرع يصرخ معي.. صراخ.. صراخ.. صراخ.. نور الغرفة يضاء.. وزوجة عماد وابنته تقفان على الباب ترمقاننا في جزع ودهشة.. نظرنا حولنا فلم نر الفتاة.. اختفت.. تبخرت تماما.. طفقنا بكلمات مبعثرة نشرح للزوجة ما حدث.. شبح فتاة كنا نلعب معها في الطفولة برغم أنها كانت قد توفيت.. الأمر الذي لم يقنعها كثيرا في الواقع..
- يا فرحتي!.. رجلان ناضجان مثلكما يصرخان بعد منتصف الليل كالندابات.. وكل هذا لأنهما يخشيان الظلام!..
=ليس الأمر كما تتصورين يا فايزة.. لقد رأيناها معا في نفس الوقت..
مصمصت بشفتيها وتثاءبت ثم أمسكت كف ابنتها عائدة إلى حجرة النوم.. ولم تنس أن تسألنا عما إذا كنا نرغب في ترك النور مضاء.. بالطبع نرغب..!
**********************
في الصباح اتصلت بمدحت لأخبره بما حدث أمس فوجدته في حال سيئة جدا.. فشيراز كما قال كانت هناك.. تنتظره جوار باب دورة المياه وكانت تضحك برقة.. أما إلهام فاكتفت بأن أكدت في فتور أن شيراز ظلت تجوب صالة دارها طيلة الليل وأنها حين أيقظت زوجها لم تجد للفتاة أثرا وصارحها زوجها بأنها حقا مخبولة.. إن ما حدث لا يترك مجالا للشكوك.. إن اللعينة -شيراز لا إلهام- تحوم حولنا وتطاردنا.. كأنها أدركت بعد كل هذه الأعوام أننا التقينا.. كأنها تريد منا شيئا.. كأنها تطلب منا العودة إلى البيت..
*********************
وعند عماد التقينا.. كانت إلهام قد جاءت مع زوجها الذي بدا غير مصدق لكل هذا السخف.. لكنه حين عرف أننا جميعا رأينا الفتاة أمس وفي نفس الظروف تقريبا بدأ يهتم.. وعلى وجهه الأشيب الوقور ارتسمت تجاعيد القلق.. لا توجد هلوسة جماعية على الأقل بالنسبة لأشخاص متباعدين.. وهكذا دار الحوار بيننا.. كان السؤال الأول الذي سألته عبير هو: لماذا عادت شيراز؟.. الإجابة سهلة: عادت لأنها تريد شيئا ما.. السؤال الثاني: ما هو هذا الشئ؟.. الإجابة: لا ندري.. ليتها تحدثت بصراحة.. لكني أضفت هنا أنها طالبتني بإنقاذها قبل أن تتحول إلى مسخ.. وهذه نقطة هامة.. السؤال الثالث: ما سر التبدل البشع في مظهرها؟.. الإجابة: لأنها كما قلنا في سبيلها للتحول إلى مسخ.. السؤال الرابع: لماذا نهتم بكل هذا؟.. الإجابة: لأنها تطاردنا.. ومن الواضح أنها لن تتوقف عن ذلك.. ولا أحد منا قادر على ممارسة حياة طبيعية منتجة في وجود شبح في داره.. فضلا عن أننا جميعا سنصاب بالخبال خلال أيام إذا استمر الحال على هذا المنوال.. السؤال الخامس: وماذا سنفعل؟.. الإجابة: لا شئ..إن شيراز هي التي ستتخذ الخطوة الأولى.. فقط علينا أن نبقى متلاصقين وعلى اتصال.. لا نعتقد أن شيراز ستؤذينا.. فقط ستكتفي بتعكير صفو حياتنا وإصابتنا بجلطات في المخ والشرايين التاجية.. لكنها أحبتنا.. نحن متأكدون من ذلك.. قالت إلهام في غيظ أثار دهشتي:
- كنتم جميعا تحبونها.. خاصة السيد رفعت..
هززت رأسي في ارتباك ودمدمت:
=لم أكن قد رأيت عيونا زرقاء في حياتي!.. هذا كل شئ!..
- عذر أقبح من ذنب..
************************
أطفال تغمرنا النشوة.. نتبادل ألفاظا سكرى..
ألتذ براءة ضحكتها.. أجتر عبير سذاجتها..
وتكافح كي تبدو أنثى..وأجاهد كي أبدو رجلا..
((من قصيدة قديمة للدكتور رفعت))..
سألت عماد وأنا أنتزع آخر سيجارة في العلبة:
=لم نعرف بعد من يقطن في البيت الآن؟.. ولا مالكه..
هز عماد رأسه.. وداعب شعر ابنته التي تلهو على البساط ببعض المكعبات الخشبية وقال:
- بعد وفاة الأسرة آلت ملكية البيت لأحد الورثة المقيمين بالخارج.. ولم يره أحد ولا أبناؤه طيلة هذه السنين..إن سمعة البيت سيئة ولن يدهشني ألا يكون قد وجد مشتريا..
=ولكن.. لابد أن هناك شخصا ما يعنى بالبيت.. محاميا أو خفيرا أو أحد الأقارب.. ما الذي يمنع أي معتد أن يقتحم البيت ويستولي عليه؟..
- على الأقل لن يكون من أبناء المنصورة.. فكلهم يعرفون هذا البيت ويخشونه كالموت ذاته..
ساد الصمت برهة ثم نظرت لمدحت وسألت:
=هل عرفتم تفاصيل أكثر عن الحادث الذي أودى بالأسرة؟..
قال مدحت وهو يضع ساقا على ساق:
- إن القصة قديمة جدا وقد دخلت في قاموس الأساطير منذ زمن.. لكن لا أحد يعرف سوى أن الأسرة فقدت عائلها.. ثم وجدوا جميعا موتى.. ويقال إن اللعنة حلت بالدار من لحظتها..
=إنها القصة القديمة إذن..
ثم إنني ألقيت برأسي للوراء وتنهدت..
=من الصعب عليّ أن أصدق كل هذا.. أنا بالذات محارب الخرافات القديم.. أقابل شبحا بل وأطالب بإرضائه..
كانت ذكرى شيراز قد تبخرت تماما ولم تعد تزور وعيي وحتى حين كانت تزوره في ليالي الشتاء الباردة كنت أقول لنفسي إن هناك تفسيرا ماديا ما لكل هذا.. منذ أعوام لم يكن كبريائي وصمود منطقي العلمي قابلين للتزعزع وحين اصطدمت بالمذءوب والنداهة وآكل البشر والزومبي وميدوسا وجدت دائما ذلك التفسير المادي.. لكن وحش لوخ نس والعساس والفرعون الغاضب أحدثوا شروخا في جدار هذا المنطق الصلب.. واليوم ها هي ذي شيراز تعود لتؤكد لي أن كل شئ ممكن وأن ضيق الأفق ليس هو من يؤمن بعالم ما وراء الطبيعة بل هو من لا يؤمن به.. عجيب هذا الكون!.. غموض قاس أليم.. والمصيبة أنني سأموت يوما دون أن أفهم.. ودون أن أتعلم.. وستظل علامات الاستفهام خالدة تؤرق منام شاب آخر يحسب نفسه ذكيا.. وستؤرق منام أحفاده وأحفاد أحفاده إلى يوم الحساب.. وفجأة وفي الضوء الخافت المخيم على غرفة الجلوس لمحت وجوه الجالسين حولي تشحب.. نظرت لأرى ما أثار رعبهم فوجدت.. كانت شيراز واقفة عند مدخل الحجرة ووجهها خارج دائرة الضوء.. وسمعت ابنة عماد تصرخ في هلع:
- بابا.. إنها نفس الفتاة!.. لقد عادت..
تصلبت أجسادنا جميعا وشلت أفكارنا.. لم نستطع استيعاب فكرة أننا نرى شبحا وأن هذا الشبح يقف الآن معنا في غرفة واحدة.. كانت تتحرك ببطء.. ووجهها يدخل دائرة الضوء.. الآن نراه.. لن أصفه تاركا الأمر لخيالك لكنني فقط أزعم أنه أبشع وجه رأيته في حياتي.. كانت الفتاة صادقة في ما قالته.. إنها تتحول فعلا إلى مسخ.. وبسرعة لا تصدق.. ومن أعمق أعماق الهاوية حيث أرواح المعذبين جاءنا صوتها المتحشرج الباكي:
- أنتم لم تنجدوني حين أتيت لكم طالبة العون..
ونظرت بعينيها الحمراوين لي وهمست:
- الويل لكم!.. الويل لكم!..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
13- أسطورة البيت - الفصل السادس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 13- أسطورة البيت - الفصل الأول
» 13- أسطورة البيت - الفصل الخامس
» 13- أسطورة البيت - الفصل السابع
» 13- أسطورة البيت - الفصل الثامن
» 13- أسطورة البيت - الفصل التاسع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: