كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 13- أسطورة البيت - الفصل الرابع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

13- أسطورة البيت - الفصل الرابع Empty
مُساهمةموضوع: 13- أسطورة البيت - الفصل الرابع   13- أسطورة البيت - الفصل الرابع Emptyالجمعة فبراير 02, 2018 5:02 am

4- الفتاة التي لم تكبر..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=ماذا؟.. ماذا تعنين بالضبط؟..
- أعني ما سمعته.. الفتاة ما زالت طفلة كما عرفناها..
نفثت دخان السيجارة وتأملت التبغ في شرود ثم سألت:
=تعنين أنها مصابة بتقزم هرموني؟.. خلل في الغدد مثلا؟..
ضحكت في سخرية وهمست:
- ألا تنسى أنك طبيب أبدا؟.. أنت تذكر تلك الأيام وتلك الفتاة وتعرف مثلما أعرف أن الأمر أخطر من هذا..
=تعنين..
نظرت إلى عيني زوجها ثم إلى عيني وهمست:
- أعني أن هذه الفتاة لم تكن طبيعية..
*******************
نحن أيضا شعرنا بذلك ونحن نجتاز مع الفتاة صالة دارها.. العنكبوت في كل مكان وكذلك جو العظمة الغابرة.. وكانت هناك امرأة تقف جوار مائدة طعام عملاقة.. امرأة شعرها بلون الجليد ولها وجه رقيق ملئ بالتجاعيد وأعتقد أن ثيابها كانت فاخرة وما إن لمحتنا حتى هش وجهها وبش وتقدمت نحونا:
- أصدقاء شيراز؟.. مرحبا بكم.. إن أصدقاء ابنتي هم أبنائي.. ومشكلتي هي أنها لا تجد أصدقاء من سنها..ما أسماؤكم يا أحبابي؟..
- رفعت..عبير..إلهام..الخ..
ثم إنها أجلستنا على المائدة وقدمت لنا جيلي أزرق اللون شهي المذاق إلى حد غير عادي وشرعت تسألنا عن أهلنا ومدارسنا وأحوالنا ثم سألتني:
- لماذا لم أركم من قبل..؟
تنحنحت وبمرح قلت:
=الواقع أننا..
ابتسمت في رقة وربتت على كتفي:
- لا تقل.. دعني أخمن.. أعتقد أن أهلكم يحرمون عليكم المرور هنا..
=الواقع..
- فليكن!.. لا داعي أن تخبروهم بشئ.. ولكن كل ما أرجوه هو أن تعودوا إليّ من وقت لآخر..
وقدمت لي طبقا مليئا بالفراولة..
********************
أنهيت التهام الشليك (الفراولة) الذي قدمته لي إلهام وقلت:
=الواقع أن كل شئ كان غريبا هناك..الجيلي الأزرق والشليك في نوفمبر ورائحة الجو..
- بالذات رائحة الجو..
ثم نظرت إلى ابنها وهتفت:
- مجدي.. إذا كنت قد فرغت من طعامك فلتعد لحجرتك..
*******************
- نعم.. فرغنا من طعامنا ويجب أن نعود..
قلناها في حرج للأم التي قادتنا إلى الباب الخارجي ومعها طفلتها الحسناء.. وفتحت لنا البوابة فدوى ذلك الصرير البارد..
- مع السلامة يا أحباب..
- مع السلامة..
وخرجنا لا نلوي على شئ.. لكننا كنا محبوسي الأنفاس مبهورين بهذا العالم الغامض الذي لم نر مثله من قبل.. لم نثرثر ولم نتبادل الآراء لكننا عرفنا جميعا أننا سنعود وأننا لن نحدث الكبار عن شئوقبل أن نبتعد عن البيت صاحت عبير في حيرة وهي تشير إليه:
- هل لاحظتم شيئا غريبا؟..
- ماذا تعنين؟..
- إنها ساعات النهار الأولى والطيور تتزاحم فوق الأشجار لكنني لا أرى طائرا واحدا فوق أغصان هذا البيت!..
********************
-هل تذكر فرار الطيور بعيدا عن حديقتهم؟..
=والقطط الضالة..
قال الزوج وهو يضع الأطباق فوق بعضها:
- الواقع أنكم كنتم شديدي البراءة..لقد فعلت الطبيعة كل ما تستطيع كي تحذركم من أن ما يجري في هذا البيت مريب..لكنكم لم تفهموا..
**********************
نعم لم نفهم.. وفي الأيام التالية صرنا نذهب للبيت.. أحيانا في النهار وأحيانا بعد الغروب وكانت شيراز دائما هناك واقفة خلف البوابة الصدئة.. وكعادتها تضحك وتقبل الفتاتين وتقودنا للداخل.. ويبدأ الحلم.. ألعاب لا حصر لها.. المساكة.. لعبة الأدغال.. صيد السحالي الصغيرة(لم يكن يلعبها سوى الصبيان بطبيعة الحال).. لعبة الكرة.. تسلق الأشجار.. وبعد ساعتين كنا نفارق البيت غارقين في العرق تختلج السعادة في أعماقنا نتمنى أن نموت فلا نبعث إلا حين يأتي موعد الغد..
********************
=شيراز.. أنا أحبك..
- رفعت..كف عن هذا وإلا أخبرت ماما..
=سأموت إذا ما طلبت أنت مني ذلك..
- إذن..مت!..
فأمسك بقلبي وأتلوى ألما ثم أسقط على الأرض فوق الأغصان المهشمة والأوراق الجافة..صوت التهشم..
=هأنذا قد مت كما أردت.. والآن هل تحبينني؟!..
فتركل جسدي الممدد على الأرض في دلال.. وتصيح:
- كاذب رعديد!.. وماذا عن إلهام؟..
أصيح وأنا أغمض عيني من ضوء الشمس:
=لم تعد تعنيني قط..
- سأخبرها..
عندئذ أنسى دور العاشق اللاتيني الذي ألعبه وأنهض ملوحا بقبضتي..
=حاولي أن تقولي لها شيئا وسأكسر رقبتك!..
لكنها تكون قد تركتني وانطلقت تجري بين الأشجار واضعة كفيها على فيها كمكبر صوت وهي تصيح:
- اسمعي يا إلهام!.. رفعت يقول..
=اخرسي يا مجنونة..
وأكون قد لحقت بها وأمسكت بـ.. بمرفقها وجذبته بقوة فيختل توازنها وتسقط على رأسها سقطة قوية كاد فؤادي ينخلع لها.. أدركت دون جهد أنها ولابد جرحت جرحا بليغا وسيكون موقفي عسيرا أمام أهلها وأمام أهلي وأمامها.. ساعدتها على النهوض وأنا أعتذر بعنف:
=سامحيني.. كنت أمزح..
المقت والألم في لجة العينين الزرقاوين كأنما ألقي فيهما حجر.. تمسك بجبهتها ولا ترد.. لكني أرى الجرح بوضوح تام يشق جلد الجبين البلوري والغريب هنا أنني لم أر قطرة دم واحدة!.. ولا قطرة كأنما الجرح في قطعة من الشمع..
- إنه لجرح كبير.. يجب أن تذهبي للمستشفى حيث..
- لا..
قالتها في حزم وصرامة.. ثم أسدلت بعض خصلات الليل الأسود فوق الجرح ونهضت في كبرياء وأنا وراءها خزيان.. كان الحرج يمنعني من توجيه الأسئلة.. أسئلة لابد منها عن الجرح الذي لا ينزف دما.. لهذا تناسيت القصة كلها وعدت أحاول اكتساب رضاها.. وتوسلت لها مرارا ألا تخبر أمها أنني السبب..
- أنت جبان..
=نعم جبان جدا.. ولكن ليس خوفا من العقاب بل خوفا من الحرج..
ضحكت في دلال وهزت شعرها تلقائيا قائلة:
- أنت تجيد تبرير عيوبك..
غريب هذا.. لم أكن في هذه المرة قادرا على رؤية الجرح!.. لقد سقطت خصلات الشعر التي تداريه.. وها هو ذا الموضع أمام عيني.. لكني لا أرى الجرح.. لا أراه وأقسم على ذلك..
*******************
قالت إلهام وهي تصب الشاي:
- أكثر من مرة جرحت الأشواك يدها أمامي ولم أر دما..
قلت في دهشة:
=لاحظت ذلك أنت الأخرى؟.. ولم لم تخبرينا؟..
- إن الأطفال يرون أشياء كثيرة لكنهم لا يحاولون تفسيرها..
تناولت قدح الشاي منها شاكرا ووضعته أمامي.. أفضل أن يكون الشاي في كوب لكني لم أجرؤ على طلب ذلك منها.. قال زوجها وهو يتناول قدح الشاي الخاص به:
- تقول المدام إنك كنت مدلها في حب شيراز..
غمغمت إلهام وهي ترفع حاجبها الأيسر في تهكم:
- ليس هو فقط.. بل وسامح وعماد كذلك..
*******************
أية آلام مزقت القلب الصغير -قلب إلهام- وهي تفقد عرشها ببطء.. لم تعد ملكة سبأ ولا سيدة الأقمار السبع ولم يعد الأولاد الثلاثة يصطرعون من أجلها ولم يعد أحد يهتم بمعاونتها على تسلق الأشجار أو عبور الحفر العميقة.. ومنذ شهرين لم يسط أحد على الفيللا المجاورة ليسرق لها وردة حمراء.. لقد احتلت اللعينة شيراز كل جوارحنا.. ولم نعد نتقاتل إلا من أجلها.. ولا نمزح إلا من أجلها.. ولا نتحدث إلا عنها.. كل الورد الأحمر وقطع الكاراميل ورسومي صارت لها وحدها.. حتى ضرس عماد المخلوع المسوس احتفظ به ليريه لها وحدها ولم يره أحدنا برغم توسلاتنا.. كان القلب الصغير يطفح بالألم وبالحمم وبالصديد لكنها ظلت صامتة تتظاهر بالمرح ولكنها كانت تتعذب.. ولم تكن قادرة على الحقد على شيراز لأنها كانت دونها في كل شئ بثياب الفتيان التي ترتديها وشعرها القصير والسن الناقصة التي تظهر إذا ابتسمت.. القلب الصغير يطفح بالقطران والدخان الأسود.. إلى أن جاء اليوم الذي انفجرت فيه.. كنا نلعب لعبة السيجة على الأرض.. نحن الثلاثة ضد شيراز وكانت عبير تراقب الموقف في خبث.. وهنا سمعنا صرخة.. صرخة روح تحترق:
- أنتم جميعا هنا من أجلها.. لا أحد يريدني.. ولم يعد أحد يعبأ بي!..
كذا صرخت إلهام وهي تركل الأرض مبعثرة رقعة السيجة التي رسمناها بالطبشور ثم أردفت والدمع يترقرق في عينيها:
- ليكن.. سأعود لداري ولن آتي هنا أبدا..
وليس هذا كل شئ..
- وسأخبر كل الناس أنكم تأتون هنا!..
وقبل أن نفهم ما حدث كانت قد فرت جارية من الحديقة.. صورة مصغرة للانتقام.. سالومي الطفلة دامعة العينين تهرول في الطرقات عازمة على خراب بيتنا..
*******************
=كنت غيورا جدا والحق يقال..
قالت إلهام وهي تبتسم في حرج:
- كنت فتاة جدا.. هذا هو كل شئ..
=وجلبت الوبال على رؤوسنا..
-عليّ وعلى أعدائي..!
رشفت جرعة من الشاي وأنا أسمع صوت خالي ينادينا بعد أن فرغ هو الآخر من رشف الشاي..
**********************
وقفنا أنا وعماد ومدحت وعبير محمري الآذان أمام خالي بانتظار كلمته الأخيرة.. بينما يتبادل وزوجته نظرات ذات معنى.. ثم قال في تؤدة:
- عرفت من أم إلهام أنكم تذهبون إلى بيت الخضراوي.. ألم أنهكم عن ذلك؟..
ساد الصمت البليغ لبضع ثوان..
- كم مرة ذهبتم هناك؟..
- ................
- كم مرة؟.. ثلاث مرات؟.. أربعا..؟.. عشرا؟..
- ..............
- أكثر من عشر مرات؟!..
واحمر وجهه كعرف الديك وأوشك على الكلام لولا أن تدخلت زوجة خالي:
- لحظة.. ماذا رأيتم هناك؟..
بحرج شديد وارتباك بدأنا نحكي كل شئ.. شيراز والأم والخادم النوبي وغيرة إلهام.. الخ.. كان الاهتمام يتزايد على وجه خالي والرعب ينمو في سحنة زوجته وثمة نظرة جانبية ذات معنى تبادلاها ثم عادا ينظران لنا.. نهض خالي بعد ما أنهينا القصة إلى المكتبة فتناول المصحف مذهب الأطراف وعاد به ليضعه على مائدة الطعام وسألنا:
- ما هذا؟..
- مصحف..
- إذن أقسموا عليه إنكم لن تعودوا إلى هذا البيت ما دمت أنا حيا..
- ولكن..
- لا لكن.. إنكم لا تعرفون ربع ما نعرفه نحن الكبار عن ذلك البيت.. وأقسم بهذا الكتاب الكريم إن من لا يقسم منكم على ما أقول سينال أبشع عقاب..
لم تكن أمامنا حيلة.. أقسمنا والدمع في عيوننا.. وثمة شعور عام أننا قد خنا شيراز وخذلناها.. وأدركنا أن حياتنا من دونها ستكون أقسى وأكثر مللا..
********************
إلى هنا والقصة لم تزل عادية.. لكن الأقاويل تتناثر هنا وهناك.. ولا يمكن لسر أن يظل في قبره.. لقد جاء اليوم الذي عرفنا فيه سر قلق خالي وذعر زوجته.. وكانوا محقين.. لقد توفيت زوجة الخضراوي وابنته شيراز وكل خدم البيت في حادث غامض عام 1921.. وبالتحديد قبل أن ندخل نحن البيت بخمسة عشر عاما..!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
13- أسطورة البيت - الفصل الرابع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 13- أسطورة البيت - الفصل الأول
» 13- أسطورة البيت - الفصل الخامس
» 13- أسطورة البيت - الفصل السادس
» 13- أسطورة البيت - الفصل السابع
» 13- أسطورة البيت - الفصل الثامن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: