كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل السادس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل السادس Empty
مُساهمةموضوع: 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل السادس   12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل السادس Emptyالجمعة فبراير 02, 2018 2:31 am

6- افعل شيئا يا دكتور!..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما تغرب الشمس وتلطخ دماؤها ثوب السماء الزرق.. عندئذ يبدأ فجر النافاراي..
*******************
لم تنتظر الفتاة لتفهم أكثر.. بادرت بالفرار إلى الدار حيث يغط أهلها في نومهم ومئات التساؤلات تتصارع في ذهنها.. على حين وقف الأخرس وحيدا في المخزن يتأمل دون فخر حصيلة عمله الباهر ملقاة على الأرض مهشمة الأطراف وتئن.. كان يعرف أن اللصوص سيلملمون جرحاهم ويرحلون وسيصمتون تماما فلن يجرؤ أحدهم على إعلان ما حدث.. حتى التعس الذي أصابه بالشلل سيزعم أنه أصيب في أثناء عمله في الحقل ولن يتكلم أكثر.. لا مشكلة من هؤلاء.. المشكلة الحقيقية هي الفتاة الثرثارة التي لن تصمت دقيقة واحدة بعد هذه اللحظة وستسرد الأحداث على أبيها وأمها وصديقاتها وجيرانها وستحكيه للأبقار والماعز والأشجار العجوز.. عندئذ كيف يفسر وكيف يشرح؟.. لقد كان مضطرا إلى ما فعل.. لكن هذا الذي حدث قد أفسد مستقبله في هذه القرية للأبد.. وعليه الآن أن يجد قرية أخرى ويلفق قصة جديدة.. سار في تثاقل إلى الليل الصامت خارج المسكن.. وشرع يتأمل النجوم التي كانت مختلفة كعادتها وسمجة وأقل ودا من نجوم وطنه..
- نافاراي.. أنا بحاجة إليكم..
*******************
لم تنم سعدية في تلك الليلة.. قضت الوقت تتأمل السقف المدعم بالجذوع الخشبية وتسترجع ذلك المشهد الدرامي الذي رأته منذ ساعات.. لم تصدق حتى هذه اللحظة مشهد قضاء الفتى الناحل المهزول على عشرة لصوص أو عشرة فتوات إذا صح التعبير.. إن تفكيرها الذي كف عن النمو منذ رسبت في المدرسة الاعدادية لم يجد سوى تفسير واحد جاهز لكل ما رأته.. إن هذا الفتى هو.. بسم الله الرحمن الرحيم.. نعم.. لا تبرير سوى ذلك يفسر العثور عليه في المخزن فجأة.. وقضاءه على أولئك الأوغاد بطريقة قتال لم تر مثلها قط.. والعينين الضيقتين العجيبتين.. هي تعرف أن الجان في قصص الفلاحين تكون عيونهم مشقوقة بالطول.. لكن هل هناك ما يمنع أن يوجد جني شقت عيناه بالعرض؟!.. دعك من اللغة العفاريتي التي استخدمها قبل ضرب الرجال.. لسوء الحظ تلاشى أي إعجاب من روحها ليحل مكانه الهلع.. الهلع من هذا الشئ الذي يغفو على بعد أمتار من مضجع أسرتها.. ماذا تفعل؟.. لن تجرؤ على إخبار ذويها فلن يصدقوها.. وإن فعلوا فمن يضمن لها ألا يفعل بهم هذا الجني ما فعله باللصوص؟.. أفكار عديدة وهواجس شتى تصارعت في ذهنها حتى الصباح.. إلا أنها مع شعاع الفجر الأول كانت قد أزمعت أمرا..
*******************
نسيتُ في غمار الأحداث أن أذكر لكم اسم هذه القرية التي وقع عليها حظ الكاهن الأخير دون كل قرى الأرض.. اسمها هو.. كفر بدر!.. هذا بالطبع إذا ما كنتم تذكرون الاسم.. ألا يذكركم اسم الفتى إبراهيم السقا بشئ ما؟.. إنه المراهق الذي أنقذته من براثن النداهة وتجارب د.عاصم المخبولة.. وبالطبع هو شقيق سعدية.. أسمع بعضكم يغمغمون أن المسألة واسعة شوية.. فلهم أقول إن قراءتكم ما أكتب هي معاهدة ضمنية على أن تصدقوا ما تقرءون وأن أصدق أنا فيما أكتب.. من غير العدل أن تصدقوني حين أحكي عن صراعي مع العساس أو وحش لوخ نس ثم تأبون تصديقي حين أقول إن الصدفة جعلت الكاهن الأخير يظهر في قريتي.. لا خداع في الأمر.. لهذا كفوا عن إهانتي بترديد أنني مجرد نصاب آخر.. كانت الفتاة تذكر جيدا دوري في إنقاذ أخيها من النداهة.. كما سمعت شيئا عن هوايتي السابقة في جمع الأشباح.. من ثم قررت في ذهنها أن د.رفعت إسماعيل هو رجل (يفهم في هذه الأشياء).. وكانت قد رأتني البارحة أسير مع طلعت زوج أختي عائدين من صلاة العشاء في مسجد القرية.. وأثار ذهولها كما تقول هي ما بدا على وجهي من خطوط معاناة وتقدم في السن.. إلا أنني كما تقول أيضا كنت أوحي بالثقة أو أنها ارتاحت لوجهي السمح.. وهكذا.. عند العصر كنت أغفو في حجرتي على سريري الخشبي المتهالك حين دخلت أمي رحمها الله لتقول لي إن سعدية بنت أبي إبراهيم تريدني.. أثارت ذهولي هذه الجرأة الوقحة.. فلم تصارحني امرأة في حياتي بأنها تريدني برغم أنه لا بأس بي على الاطلاق ثم عدت لصوابي فأدركت أنها تريد د.رفعت لا رفعت.. والغالب أنها ستأخذ رأيي في أخيها إبراهيم الذي لا يأكل كما يجب أو يبول دما أو أي شئ من هذا القبيل.. نزلت متثاقلا لأرى ما تريد مشوش الذهن من أثر النعاس.. وعلى المصطبة التي في مدخل الدار جلسنا..
كانت مذعورة ولا ريب.. متوترة دون شك.. ترتجف ولا مراء..
- أغثني يا د.رفعت!..
=كلي آذان صاغية..
فأخذت بأنفاس مبهورة تحكي لي القصة منذ وجدت ذلك الفتى في المخزن وحتى حطم عظام الأوغاد العشرة.. كانت القصة غريبة.. وأنا لم أعهد في سعدية حماقة ولا هستيريا على الأقل أكثر من أية فتاة في عمرها.. ثم إن طريقة القتال التي تصفها لا تبدو مألوفة.. بل هي تذكرني بالرياضات العسكرية اليابانية إلى حد ما وفي ذلك الوقت لم يكن مخلوق في مصر قد سمع عن الكاراتيه والكونغ فو..
=والحل يا سعدية؟.. ما المطلوب مني؟..
- أن تعرف حقيقة هذا الشئ!..
=وهل أنا خبير عفاريت؟!..
- يقولون ذلك وأكثر.. ألم تتصد للنداهة وأنقذت أخي؟..
=بلى.. لكنها كانت نداهة مزيفة.. أعني نوعا من..
اتسعت عيناها وتجمدت فيهما دمعتان.. لم يكن ثمة مجال للإفلات.. قلت متنهدا:
=حسنا.. كيف أراه؟..
**************
في المساء أحضرته لي.. كنت جالسا عند مدخل الدار أحسو الشاي مرتديا الجلباب -على سبيل العودة للجذور- حين رأيت خيال الفتاة.. يسير جوارها مستسلما شاب رث الثياب مشوش الهيئة مغبرها.. من النظرة الأولى أدركت أنه ليس أبله أبدا.. ومن النظرة الثانية أدركت أنه غير مصاب بالعته المنغولي الذي فهمت من الفتاة أنه مصاب به.. لا توجد علامات أخرى من أي نوع مثل اللسان المتدلي المشقق وعنق أبي الهول والجمجمة الهرمية وثنية القرود في كفه.. إلى آخر ما جف ريق أساتذتنا وهم يعلمونه لنا.. إن هذا الذي أراه هو ببساطة رجل آسيوي.. لا تسلني كيف ولا من أين جاء.. أما النظرة الثالثة فأدركت منها أنه قوي كالنمر.. برغم نحوله الملحوظ كانت عضلاته تامة الاكتمال يمكنك عد أليافها واحدة واحدة.. هو قوي كالنمر.. خفيف الحركة كالنمر.. متوتر دائما كالنمر.. قالت لي النظرة الرابعة إنه حزين كالغروب أو كالخريف.. أما النظرة الخامسة فأكدت لي أنه يداري سرا هائلا بين ضلوعه.. وأدركت من النظرة السادسة أنني سأثير توتره أكثر بكل هذه النظرات والامتحان البصري الذي عقدته له!.. لهذا ابتسمت وأشرت له كي يدخل الدار..
=شاي يا حاجة..
ناديت أمي وأنا أقود الفتى عبر الدرجات الترابية إلى حجرتي ثم أومأت للفتاة برأسي أنه يمكنها الانصراف.. أجلست الفتى على الكنبة وجلست بجواره محاولا أن أبدو ودودا غير عصبي.. إلا أنه كان متوترا تماما.. وأدركت من اختلاج عضلات فكيه أنه سيثب في أية لحظة ليفر أو يوسعني علقة ساخنة..
=سيجارة؟..
- ........
بالطبع لم يأخذ السيجارة ولم يرد.. وجلبت أمي الشاي وهي ترمق الموقف في حيرة فشكرتها.. وقدمت الكوب للفتى فأمسكه بكفيه دون أن يشرب.. إن هذا لغريب.. كوب الشاي يتوهج بلهيب الموقد فلا يسعك سوى أن تلمسه بضع ثوان ومن حافته أما هو فيمسكه بكل ارتياح وامتلاك تلك الموهبة التي لا يملكها سوى مرضى الأعصاب الطرفية أو ذوي التحمل الفائق.. ظللنا وحيدين بضع ثوان.. ثم قررت أن أبدأ.. بدأت أسأله عن نفسه فلم يبد عليه أي اهتمام.. لكنني أدركت أن استقباله لأسئلتي هو أقرب لاستقبال اللص لأسئلة المحقق الذي يبغي معرفة باقي أفراد العصابة!.. هو يفهم كلامي لكنه لا يريد الإجابة.. سألته بالانجليزية وبالفرنسية فلم يبد أي رد فعل إيجابي.. أدركت أننا سنظل هاهنا حتى تقوم الساعة ما لم أجد فكرة أفضل.. وهنا تذكرت أن عندي أعدادا من مجلة لايف أحضرتها معي من المدينة.. وكانت إحداها تحوي مقالا سخيفا عن زيارة أعضاء فريق الخنافس للتبت وانبهارهم بالفلسفات البوذية.. المهم أن المقال كان حافلا بصور الأديرة وتماثيل بوذا والرهبان صلع الرؤوس في ثيابهم الصفراء.. (إن من يذكرون أواخر الستينات يذكرون مشاكل حرب فيتنام وشعارات الهيبز وموضة الاهتمام بالبوذية وشعار هاري كريشنا هاري راما).. لم يخب ظني.. لقد أثارت هذه الصورة شغف الفتى.. وبدا منبهرا إلى حد لا يوصف وإن حاول عدم إظهار حماسه.. وبعصبية وضع كوب الشاي على الأرض.. عيناه تتسعان في شوق ولهفة..
ثم ينظر لي وللمجلة..
=يمكنك أن تأخذها!..
ناولته إياها وأنا أكاد أبكي حسرة على ثمنها.. وقلت لنفسي إنه لو كان هناك الكثيرون من أمثال هذا الآسيوي المشتاق لبوذا فإن خراب بيتي قريب!.. تصفح الصور في ذهول ويداه ترتجفان.. وبرغمه كان يردد كلمات بلغة لا أعرفها.. ثم إنه أشار لي وللمجلة مدمدما مرات عديدة:
- أنت.. أنت.. ماهايانا!..
تنهدت في صبر وأنا أشعل سيجارة:
=لحظة يا بني.. ولو كنت تعني أنني ذهبت هناك فأنا لم أفعل!..
- ماهايانا..
=لا أفهم هذه الكلمة.. ولكن.. لنقل إنني الآن متأكد من أنك بوذي..
بدا عليه عدم الفهم.. عينان زائغتان ترمقانني في حماقة.. من ثم أشرت بإصبعي إلى المجلة.. إلى صورة بوذا المتربع في جلسته الشهيرة على عرش اللوتس وهتفت:
=بوذي يا غبي.. مثل هذا.. هذا.. بوذا..
بدا عليه الامتعاض حين فهم وأشار إلى نفسه في عصبية:
- أنا.. لا.. لا.. أنا.. نافاراي..
=نافاراي؟.. هل هي ديانة جديدة لا أعرفها؟.. إن أديانكم الآسيوية هذه يا بني تحتاج إلى عقل أصغر من عقلي بعشرين عاما كي يتذكر أسماءها..
يبدو أن لسان الفتى قد انفك من عقاله.. إن الصورة التي رآها قد أذابت الجليد نهائيا فيما بيننا.. والغريب أن كل هذا يؤكد أنه آسيوي.. ولكن كيف ولماذا هذه القرية بالذات؟..
=والآن.. حان الوقت كي أفهم..
سألته في حزم.. فكانت النتيجة مباغتة.. رأيته ينهض وقد أدرك أنه قدم لي أكثر مما ينبغي..
- أنصرف.. أنا..
=ولكن.. أنا لم أفهم بعد..
لم يعطني الفرصة للمزيد من الكلام لأنه طوى المجلة في قبضته واتجه للباب.. حاولت أن أمسك بكتفه لكنه تملص ببراعة - كالحنكليس الذي لا أدري ما هو بالضبط - واندفع خارجا تاركا إياي واقفا كالحمقى في وسط الغرفة.. سيكون التفاهم مع هذا الفتى أعقد مما تصورت.. لكني لم أكن على علم بما سيحدث..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل السادس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الثالث
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الرابع
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الخامس
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل السابع
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الثامن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: