كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الرابع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الرابع Empty
مُساهمةموضوع: 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الرابع   12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الرابع Emptyالجمعة فبراير 02, 2018 2:29 am

4- أرض أخرى.. زمن آخر..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أظن القارئ يتساءل الآن: أين ذهب هذا السخيف رفعت إسماعيل بسخريته المقيتة وصلعته ورائحة سجائره؟.. هذا بالطبع وإن كنت لا أرجوه ما لم يعلن إحساسه بالرضا والاستمتاع لأنه يقرأ أخيرا قصة محترمة!.. ولكن صبرا يا رفاق.. لا تفرحوا قبل الأوان.. فأنا آت لا محالة.. وستعرفون السبب بعد بضع لحظات..
******************
الظلام والحرارة والرائحة الخانقة.. لبضع ثوان ملأت المفردات الثلاثة حواسه فلم يستطع أن يفهم أين هو.. لكنه كان واثقا من شئ واحد.. أن القاعة التي كان يتأمل فيها منذ لحظات قد اختفت.. بدأت عيناه تعتادان الظلام.. فاستطاع أن يرى أجولة من الخيش مكومة فوق بعضها وحيوانات صغيرة مكسوة بالفراء تجري هنا وهناك بسرعة لا تصدق.. لم تكن الفئران من الحيوانات المألوفة في الدير.. أدرك دون جهد أنه في مخزن ما.. ومن الرائحة عرف أنه مخزن لنوع من الحبوب.. لكن أين؟.. وفي أي زمن؟.. سمع باب المخزن ينفتح محدثا صريرا.. واندفعت لعينيه حزمة أليمة من ضوء الشمس كأنها دستة من الإبر تنغرس في مقلتيه.. وبين الإبر الأليمة رأى خيالا فارعا يدخل من الباب.. كانت فتاة شابة.. وبرغم الألم الذي أحدثه الضوء الساطع أدرك أن شكلها غريب جدا.. فهي سمراء اللون عيناها واسعتان على نقيض فتيات وطنه.. وكانت كبيرة العظام ضخمة القدمين كما لم ير فتاة من قبل.. لكنها برغم غرابة مظهرها كانت مليحة.. وفي نشاط وخفة ودون أن تلاحظ وجوده ألقت على الأرض بمقص كبير وبعض الحبال ثم انسلت مغادرة المكان دون أن تغلق الباب خلفها.. تحرك الفتى ببطء شديد واختبأ خلف كومة أجولة وشرع يدقق البصر في نهم إلى العالم الخارجي وراء الباب.. كان هناك رجال يتحركون هنا وهناك.. سمر البشرة يرتدون ثيابا طويلة تصل للقدمين وكانوا يضعون على رءوسهم أغطية رأس غريبة.. وكان بعضهم منهمكا بحمل الأجولة متجردا من ثيابه الطويلة كاشفا عن سروال أبيض متسع وصدرية مليئة بالأزرار.. ولم يكن أحدهم يعقص شعره خلف ظهره.. أو يرتدي قرطا.. أخذ عقل هن- تشو- كان يعمل بأقصى سرعة ممكنة.. لن يلبث أن يكتشف أمره.. وعندئذ.. وحتى لا يبدو شاذا.. عليه أن يبدو مثل هؤلاء أو على الأقل قريبا منهم.. في تؤدة التقط المقص وحركه إلى مؤخر رأسه وجز خصلة الشعر الناعم المتدلية على ظهره.. ثم إنه وجد ثوبا من هذه الأثواب الطويلة وغطاء رأس في أحد أركان المخزن.. كان الثوب متسخا قذرا تفوح منه رائحة العرق لكن الوقت لم يكن مناسبا لقواعد الصحة.. لهذا نزع ثيابه وارتدى الثوب الجديد.. وثبت غطاء الرأس الصوفي على رأسه وتمنى لو رأى وجهه في لجة ماء.. جاء الجزء الهام من الموضوع.. الآن ينبش بأظفاره الأرض الترابية محدث حفرة صغيرة.. ثم يغلف كتابه الثمين الشوكارا بثيابه التي خلعها.. وفي حذر يدفن الحزمة الثمينة في الحفرة.. ويهيل التراب وقد سره أن الجفاف العام المخيم على التربة يدل على أن الرطوبة لن تفسد الكتاب.. وبالطبع لم ينس أن يدفن خصلة شعره والقرط مع الثياب وما بداخلها.. ثم إنه مسح بالغبار وجهه.. سيبدو قذرا كخنزير.. وهو المطلوب لأن وجهه المتسخ لن يدع الكثيرين ينتبهون لعينيه الضيقتين ولون بشرته الأصفر.. على الأقل في الوقت الحالي.. لم يكن يتفادى شيئا بعينه.. لكنه كان يعلم أن هناك خطرا لا يدري كنهه.. بعد دقائق ظهر سلويت الفتاة عائدا إلى المخزن مندفعة بنفس النشاط والحيوية.. وفي هذه المرة كان محتما أن تراه.. التقت العينان.. ولمح عينيها تتسعان في هلع.. وشفتيها تهمسان بلفظة ما.. ثم إنها ضربت بكفها المفتوح صدرها.. ولم يكن قد رأى هذا الأسلوب في إظهار الذعر من قبل..
- آبا!.. آبا..
كذا صرخت وهي تجري هاربة من المخزن.. أما هن- تشو- كان فظل مسمرا في مكانه يشعر بالحيرة بالاضافة إلى غرابة اللغة التي استعملتها الفتاة.. واللفظة التي قالتها يملؤها حرف غير مألوف لأذنيه (حرف الحاء في بسم الله الرحمن الرحيم).. فما هو هذا المكان؟.. ومن هم هؤلاء القوم؟.. بعد ثوان امتلأ المخزن بالفضوليين والمتحمسين والمتحفزين.. أما آبا أو الشخص الذي نادته الفتاة فكان عجوزا كث الشارب أشيبه يربط رأسه بمنديل ويرتدي معطفا أصفر حال لونه منذ دهر.. وكان يمسك في يده بعصا طويلة معدنية تشابه تلك المدافع التي كان الصينيون يستعملونها في حروبهم.. في تؤدة وحذر اقترب من الفتى وسأله عن شئ ما.. كان هن- تشو- كان قد قرر التزام الصمت والحذر..
سيتظاهر بالخرس والعته فلا يصير بحاجة إلى الرد.. اندمج في الدور وتدلى لسانه خارج فمه مبعثرا اللعاب على ذقنه.. وبعينين زائغتين شرع يتابع كلمات الرجل التي لم يكن في حاجة للتظاهر بأنه لا يفهمها لأنه بالفعل لا يفهمها.. كان الرجل يرمقه في شك.. ثم بدأ يتبادل حديثا غاضبا مع الرجال وهم يقنعونه بشئ ما.. أدرك الكاهن الأخير أن عادة هؤلاء القوم هي الصخب والكلام الكثير.. وأن الهمس عندهم هو نوع من الصراخ.. لم يكونوا سمرا كالزنوج أو بيضا كالتجار الإيطاليين الذين رآهم ذات مرة.. ولا هم صفر كأبناء جلدته.. فمن هم إذن؟.. تصايح القوم بشئ ما فبرزت من بين صفوفهم امرأة عجوز تحمل خبزا ومادة صفراء شديدة الملوحة يبدو أنها نوع من الخبز.. وفي يدها الأخرى وعاء من الفخار تكاثف الماء على سطحه وقدمته له.. كان هن- تشو- كان معتادا الجوع أياما طويلة لكنه أدرك أن الحكمة تقضي بعدم الرفض فشرع يلتهم الطعام غريب المذاق والجميع يراقبونه في فضول.. كانت أذنه الحادة تعمل كأذن القط.. ولقد أدرك أن اللفظة التي يكررونها لكل وافد جديد على المشهد.. هذه اللفظة أهبل أهبل لا تعني سوى الجنون أو العته.. كانت هناك لفظة أخرى تتكرر بإصرار وبدا له أنها مقاربة في المعنى.. هي (بتاع ربنا).. وإن أثار دهشته حرف العين الذي لم يعتد سماعه قط.. وفي رضا أدرك أنه قد تلقى تأشيرة الدخول إلى عالمهم وكأنه يكافئ نفسه رفع الوعاء الفخاري إلى فمه وجرع الماء حتى ارتوى..
********************
دعونا الآن نفارق وجهة نظر كاهننا لنتخذ وجهة نظر أكثر شمولية وإلماما بالتفاصيل لأنه لن يفيدنا بشئ أن نجهل ما يجهله هو على طول الخط.. أظن القارئ قد استنتج أن الكاهن قد قذف إلى قرية مصرية.. أي إنه قد ابتعد مئات الأميال عن وطنه الأصلي.. دعك من أنه كان يعيش أصلا في القرن السادس عشر وهو اليوم في عام 1967.. أي أنه قد ابتعد أربعة قرون عن زمنه الأصلي.. ويمكننا القول إن خدعته قد انطلت على الفلاحين.. فهم لا يملكون خبرة طبية لكنهم حتما رأوا أناسا مصابين بهذا النوع من التخلف العقلي الذي يجعل العينين ضيقتين والشعر ناعما.. هذا العيب الخلقي الذي يسميه الأطباء بالعته المنغولي أو متلازمة داون.. لهذا تقبلوا سريعا فكرة العثور على شاب شريد متخلف عقليا له ملامح صينية.. كان هناك في القرية المجاورة شاب مثله.. وكان أهل القرية يسمونه الشيخ عطوة ويتبركون به.. وهي عادة ريفية قديمة.. عادة اعتبار المتخلفين عقليا في عداد الأولياء الذين شفت نفوسهم إلى حد الاتصال بسر الكون.. لهذا لم يكن صعبا عليهم أن يتقبلوا هذا الشريد البائس بينهم.. لا يهم من أين أتى ولا من هو.. المهم أنه بحاجة إليهم.. أما عن المدعو آبا أو ما ظنه الكاهن فلم يكن سوى محمد السقا خفير شونة الغلال.. وبالطبع لم يكن آبا سوى نداء ابنته له حين رأت الكاهن.. وقد ظن هذا الأخير أن آبا هو اسم الرجل!.. كانت القرية مفعمة بعمال الترحيلة في تلك الآونة لهذا لم يكن وجود وجوه غريبة أمرا يثير الريبة.. وكانت ابنة الخفير واسمها سعدية تتواثب هنا وهناك تعين الرجال على ربط غرارات الحبوب وتعدها.. وكان ابنه الشاب إبراهيم منهمكا في معاونة العمال مع أبيه.. ومن اللحظة الأولى أدرك الأب أن الوافد الجديد سيكون مسئوليته ولربما ابنا ثانيا له.. وقد أدرك بفطنة الفلاح التي لا تخطئ أن الفتى ليس أصم.. فعيناه تتابعان الأصوات.. وجهه يتلون حسب حدتها لكن من الواضح أنه لا يفقه حرفا.. وجاء المساء.. العباءة الزرقاء الطيبة تفترش الكون.. لكن الفتى ظل جالسا حيث هو يرمق الأفق في نهم.. فحتى النجوم تبدو مختلفة ها هنا.. من الغريب أنه ليلة أمس -أحقا هو أمس؟- كان يحيا في عالم النافاراي يمارس تدريبات السارايانا فوق الثلوج.. واليوم ماذا بقي من كل هذا؟.. هل كانت حياته السابقة حلما كلها؟.. أم أنه يحلم الآن ولن يلبث الأخ ميانج أن يوقظه؟.. حقيقة واحدة كان يدركها.. لو أنه ظل ها هنا فترة أطول فلسوف يذوي ويموت.. نعم يموت.. مثله مثل الببغاء التي يحبسونها في قفص بعيدا عن توءم روحها.. شعر بخطا تقترب منه فأجفل.. كان القادم هو الخفير يحمل له شيئا ملفوفا في رغيف خبز من الواضح أنه يؤكل وقال له شيئا ما.. ثم إنه أشار إلى المخزن وقال شيئا آخر.. قصة بسيطة لا تحتمل سوى تفسير واحد: تناول عشاءك ونم في المخزن.. وغدا يوم آخر.. التهم الكاهن الأخير بضع لقيمات متجاهلا نظرات الرجل الفضولية له.. كان الليل هو ميعاد تمارين النافاراي في وطنه.. لكنه لم يعد حرا كي يزاول عاداته.. الأدهى أنه فقد القدرة على النوم ليلا.. اختل إيقاعه الحيوي تماما وغدت ساعات النهار هي ساعات نومه وهذا معناه أنه سيقضي ساعات تعسة طويلة من الأرق في ظلام المخزن.. كان المخزن حارا.. حارا أكثر من طاقة تحمل هذا البائس القادم من أرض الثلوج.. وكان قلبه مثقلا بالهموم.. لذلك حين نام أخيرا كان الملل والقنوط هما اللذان غشيا وعيه وليس النعاس.. وغدا يوم آخر..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الرابع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الثامن
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل التاسع
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الأول
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الثاني
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الثالث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: