كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الأول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الأول Empty
مُساهمةموضوع: 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الأول   12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الأول Emptyالجمعة فبراير 02, 2018 2:24 am

1- الزهرة الزرقاء..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان هن- تشو- كان زهرة زرقاء.. هل رأى أحدكم زهرة زرقاء؟!.. هناك زهور حمراء وبيضاء وبنفسجية.. لكن هن- تشو- كان كان زهرة زرقاء.. هكذا قال له الكاهن الأكبر وهو يضفر له جدائله الطويلة المنسابة:
- أنت يا هن- تشو- كان زهرة زرقاء بين ثلوج التبت..
إن الزهور الزرقاء ساحرة الجمال نادرة كالياقوت.. لكن أحدا لا يفهمها.. والزهور الأخرى تحسدها.. لهذا - إذا أنت وجدت زهرة زرقاء - لا تنتظر أن تكون سعيدة.. نعم.. كان هن- تشو- كان زهرة زرقاء.. ومن هنا تبدأ قصتنا..
******************
ثلوج التبت العاصفة.. والظلام.. وحيوان الياك ذو الفراء الكث الدافئ.. والدير الجاثم فوق أكداس الجليد.. لا تذكر متى ولا كيف وجدت نفسك في ذلك العالم.. لكنك حتما دخلته وأنت بعد طفل مذعور شاحب الوجه متلاحق الأنفاس.. تمشي بخطا مرتجفة متشبثا بذيل عباءة أمك وهي تتقدم إلى الكاهن الأعظم المتربع القرفصاء على صخرة النرفانا:
- هو ذا ابني أيها الكاهن الأعظم.. وكنت قد نذرته للدير لو عاش حتى يرى عشرة فصول شتاء..
هل كانت تلك الجمرتان المتقدتان هما عيناه ترمقانك في اهتمام من تحت حاجبين كثين كفراء الياك..؟
- اقترب يا هن- تشو- كان..
كيف عرف هذا الرجل اسمك؟.. إن أحدا لم يخبره به!..
- أنت لم تعد هن- تشو- كان.. بل أنت الزهرة الزرقاء.. غريب مثلها.. نادر مثلها.. جميل مثلها.. حزين مثلها..
وعلى رأسك مسح وحك أنفه الضخم البارد بأنفك الأحمر الدافئ محييا.. عندئذ عرفت أن هذا الدير هو بيتك وغدك.. وعرفت أن النافاراي ستكون فلسفة حياتك.. يقول الأخ ميانج:
- عندما تغرب الشمس وتلطخ دماؤها ثوب المساء الأزرق.. عندئذ يبدأ فجر النافاراي..
وعلى ضوء الشموع كان هن- تشو- كان يدرس البهاجافادجيتا الكتاب الذي يربط البوذية بالهندوك.. في حين يجلس أمامه الكاهن الأعظم يحسو الشاي بالزبد ويصحح له ألفاظه.. ويجيب عن أسئلته:
- هل نحن بوذيون أيها الأخ الأكبر؟..
- لسنا بوذيين..
- هل نحن هندوس؟..
- لسنا هندوسا..
- إذن نحن كونفوشيوسيون..
- ولا هذا يا بني..
- إذن من نحن؟..
- نحن نافاراي يا بني.. نحن نأخذ أفضل شئ من كل شئ.. لسنا سلبيين كالبوذيين.. ولا عبدة أبقار كالهندوس.. ولا غارقين في فلسفة غامضة كالكونفوشيوسيون..
يقول الأخ ميانج:
- لماذا تحرق النار؟.. لأنها نار.. لماذا يطفئها الماء؟.. لأنه ماء!.. لماذا يرتوي به النمر؟.. لأنه نمر!..
تتسع عينا الصغير أكثر ويهمس:
- لا أفهم..
يبتسم الأخ ميانج في رزانة ويربت كتفك:
- لكنك يوما تفهم.. وعندئذ تكون نافاراي حقيقيا..!
********************
وتهب العواصف الثلجية.. ويخرج الرهبان وسط الثلوج حافيي الأقدام لا يحملون سوى عصيهم ويقفون في مهب العاصفة.. يتكاثف الثلج فوق عوارضهم وأنوفهم لكنهم لا يتحركون ولا يرتجفون.. تصطك أسنانك وتفقد الإحساس بأناملك التي تحترق أعصابها.. لكن الأخ ميانج يهمس لك:
- إن الطبيعة لا تؤذي أطفالها.. ثق بها ودعها تحنو عليك..
لكنك ترتجف.. ترتجف.. وتشعر أنك تموت..
- النافاراي لا يشعر بالبرد أبدا لأنه يملك ناره الداخلية..
وبعد ثوان تشعر أنك في حال أفضل.. وتزول الزرقة المشئومة عن ساقيك وأطراف أناملك.. هاهي ذي الحرارة الداخلية التي يتحدثون عنها تسري في أجزاء جسدك..
- إن الكون ليس سوى ما تعتقده فيه.. أغمض عينيك وتخيل شمسا حارقة في صحاري المغول وقافلة جمال..
تغمض عينيك وتحاول.. تحاول.. تحاول.. الأمر صعب لكنك تريده بعمق.. وفجأة يتصايح الرهبان بصيحات الإعجاب والانبهار.. ويدنو منك الأخ ميانج ليمسح جبينك ويهتف:
- لقد فعلتها.. إن العرق يملأ جبينك..
وعلى كفه تجد أربع قطرات ماء تحولت إلى ثلج بعد ثوان.. لحظتها عرفت أنك ستكون منهم يوما ما..
****************************
أما الأخ وين- بياو فكان يثير دهشتك بخاصية الارتفاع في الهواء حين يصل إلى حالة النرفانا الكاملة.. كان ينظر للأرض في تركيز وقد قطب جبينه.. ثم فجأة ترتفع قدماه عن الأرض ببطء شديد قامة أو قامتين وهو في غيبوبة عميقة.. ثم إنه ينزل إلى الأرض ببطء بعد دقائق ويحدثك بكلمات غامضة يقولون إنها أسرار الكون.. وكنت تتساءل عن الكيفية التي يصل بها المرء إلى هذه الدرجة العالية من الشفافية فكانوا يقولون لك:
- هو مستوى عال جدا من النقاء لا يصله سوى قليلين.. والسر لا يفصح عن نفسه لكنك ستجد نفسك محلقا ذات يوم.. فقط إذا ما تخليت عن ماديتك..
*********************
كانت عضلاتك تتكور.. وصوتك يزداد خشونة.. وفوق شفتك العليا ازدهر الزغب كنسيج عنكبوت استقر هناك.. كانت قوى غريبة تسري في عروقك وثمة روح مجنونة ثائرة تحاول الخروج من جسدك.. يومها قادوك إلى الكاهن الأعظم المتربع داخل الدير وحوله الشموع ليقول لك:
- مرحى.. هأنتذا قد صرت رجلا وعليك أن تتعلم كيف تكون نافاراي حقيقيا.. ولكن يا بني أنت تعرف أن أسرارنا هي سلاسل من الفولاذ تشدنا لهذه الأرض ومتى تلقيت أسرارنا ربطت نفسك ما حييت بهذا الدير..
ثم قال في قسوة:
- فهل أنت حقا راغب في هذه الحياة هنا أبدا؟!..
رهبة الاختيار والمصير الذي تقرره كلمات.. وعجزك عن الكلام لأن لسانك انحشر في فمك.. ثم بعد دقائق همست:
- نعم..
- أعد القول..
هتفت بصوت أعلى:
- نعم..
لم تكن تعلم شيئا عن الغد.. لكن العالم الخارجي كان غامضا مسربلا بالظلال خاليا من كل ما يجذبك إليه.. والحقيقة الوحيدة المؤكدة هي أنك تحب هذا المكان وتأنس لهؤلاء القوم وتعرف كل شئ عنهم.. أما هؤلاء الآخرون..
- فكر جيدا.. إن النافاراي لا يتزوج ولا يلمس النساء..
آه.. كيف تتجاهل كل العواطف البكر المصطرعة في شغاف قلبك والتي تتمنى أن تهديها يوما لفتاة ما لها ضفيرة طويلة وقدمان دقيقتان؟!.. إن هذا يبدو شاقا..
- لا يحق للنافاراي أن ينجب حتى لا تسلبه ذريته إخلاصه وحكمته.. فهل حقا تفهم مغبة ذلك؟!..
سأل أحد تلاميذ جوتاما - الاسم الأصلي لبوذا- أستاذه:
- كيف نتصرف يا أستاذي إزاء النساء؟..
قال جوتاما:
- لا تروهن يا أناندا!.. لا تحدثوهن يا أناندا.. وإذا تحدثت إليكم واحدة منهن فلا تكترث لما تقول يا أناندا..
***********************************

لمدة شهر كامل كان الكاهن الأعظم يدعوه ليعيد عليه السؤال مع زيادة جرعة التصعيب في كل مرة وكانت الإجابة دائما:
- نعم..
قاموا بتجويعه أياما ووعدوه بالطعام الشهي إذا قال لا.. تركوه في البرد والظلام ساعات ووعدوه بالدفء إذا قال لا.. حرموه من النوم ليومين كاملين ووعدوه أن يتركوه وشأنه إذا قال لا.. لكنه كان حقا يرغب في أن يظل معهم للأبد.. وجاء اليوم الذي بدأ فيه رحلة النافاراي.. فوشموا على ظهره وشم التنين المجنح.. وثبتوا له قرطا في الأذن اليسرى.. وعقصوا شعره الطويل الأسود خلف رأسه كذيل حصان.. وارتدى البيجامة الزرقاء السماوية المميزة لهم.. لقد صار يشبههم وإن لم يصر بعد منهم.. يقول الأخ ميانج:
- الحكمة ذبابة خضراء مهما حاولت اقتناصها بالجهد فشلت فإن أنت نسيت أمرها وجلست تتأمل حطت على ذراعك من تلقاء ذاتها..
ثم يقول لك وهو يشعل الشموع:
- لكنهم يقتلون الذباب الأخضر وعليك أن تعرف كيف تحميه!..
وفجأة دون توقع تهوي صفعة ساحقة على خدك!.. أنت لم تر يده تمتد.. ولم تتوقع أية خيانة من هذا القبيل.. تنهض في تحفز شاعرا بالإهانة وخدك يتوهج بالدماء..
- هيا!.. انتقم لنفسك أيها الضفدع!..
لم تتوقع هذا من الأخ ميانج الرصين الهادئ.. ثم إنك لا تجرؤ على رد ضربته فهو معلمك قبل كل شئ..و... صفعة أخرى لم تر نذيرا لها..
- النافاراي كرامة.. وهو لا يترك أحدا يصفعه!..
الغريب أنه لم يزل جالسا في نفس الوضع المتأمل الرزين كأنه لم يفعل شيئا.. صفعة ثالثة على خدك جعلت الدماء تملأ مقلتيك.. وفي حنق وثبت على الأخ ميانج لتمنعه من المزيد من الإهانات..
- بطئ جدا أيها الضفدع..
كذا يقول لك وهو يروغ بجذعه - دون أن يغير جلسته - من هجماتك المتتالية.. ينحني يمينا..يسارا..خلفا..أماما.. كل ضرباتك تذهب في الهواء كأنك تحاول سحق ذبابة خضراء دون جدوى..
- هيا!.. حاول أسرع!..
وفي النهاية وثبت بجسدك كله نحوه لكنه وثب جانبا كالثعلب فارتطم رأسك بالجدار الصخري خلفه.. وبعد هنيهة رفعت وجهك المبتل من على الأرض.. هل كانت دموعا أم دماء؟.. لا تذكر.. فكلاهما مالح الطعم ممتزج بالألم.. وكان هو جالسا نفس الجلسة الرزينة الوقور كأنه لم ير شيئا فضلا عن فعله.. تمر الدقائق لا يقطعها سوى صوت لهاثك ونشيجك.. ثم سمعت صوته وهو يضغط على مقاطعه:
- إن النافاراي لا يبكي.. بل يطلب مزيدا من المعرفة..
ثم تنهد وهو يربت على رأسك:
- غدا أعلمك كيف تتفادى صفعات الآخرين..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الأول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل التاسع
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الثاني
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الثالث
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الرابع
» 12- أسطورة الكاهن الأخير - الفصل الخامس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: