ياللكارثة!.. لم يحدث شئ!.. بينما ذلك الثور يتقدم نحونا وعلى وجهه نظرة لا داعي لوصفها..
=سلمى!..ماذا حدث؟..
- لا أعرف.. ربما هي البطاريات..
في هذه المرة يرفع الثور مسدسه نحونا.. وينفرج ثغره عن ضحكة ذئب..
=سلمى!..افعلي شيئا..
- صبرا.. ربما لو أعدت ترتيب الـ..نعم..هكذا..
الثور يتقدم.. أقسم أنني أرى الزبد يتساقط من شدقيه..
=سلمى!..
- حسنا..!.. أمسك يدي..هيا..
واختفى القبو من حولنا.. أخيرا.. ها نحن أولاء ذائبان في الزمان والمكان.. لكم قتلني الهلع.. ما شعوري لو رأيتك جواري محملقة العينين والدم ينز من ثقب في جبينك؟!.. يالك من بشع!!.. يضايقني أننا لم نعاقب هؤلاء الأوغاد.. كلا..لا تحسب أنهم نجوا.. فالشرطة ستجد عندهم أشياء مريبة عديدة.. حقيبتي.. فردة من حذائك وبقعا من دمك في القبو.. ثم هم لابد يخفون أشياء أخرى لا يسرهم أن يجدها رجال الشرطة.. دعينا ننس كل هذا.. دعينا نستمتع برحلتنا هذه عبر المجرات.. أنت نسيت كل شئ عني.. أهملتني تماما حين وجدت النجاح.. لقد كنت أحمق.. هذا هو كل شئ.. هل ترى هذه المجرة؟.. إنها وطننا الجديد.. الكوكب رقم.. رقم.. لقد نسيت.. ضغطت الأرقام عشوائيا.. لا يهم.. يكفينا أننا معا.. معا..
قرأ المدير الأوراق الأخيرة فانفرجت أساريره أخيرا:
- لا بأس يا سالم.. كنت أريد بعض الضرب.. بعض اللكمات والركلات من أجل شئ من الحيوية.. إن الفكرة لا بأس بها والآن أعتقد أنك ستستمر في هذه السلسلة..
=بالطبع يا سيدي..
- وما هي الحلقة التالية؟..
هرشت رأسي في إرهاق ثم قلت:
=لم أفكر بعد يا سيدي.. أعطني فرصة..
ضغط المدير على السيجار بأسنانه وغمغم:
- حسنا.. لن أطبع هذه قبل أن تأتيني بعدة حلقات.. إن ما أريده هو الاستمرارية.. هذا ما يجب أن أتأكد منه.. الاسـ..تـ..مـ..ر..ا..ر..يـ..ـة..!
**********************
أعدت لي سلمى قدحا من القهوة وجلست بجواري تداعب قطتنا الصغيرة وابتسمت بزاوية فمها اليسرى:
- ألا تخشى أن ينكشف الأمر؟!..
=أن يعرف المدير الحقيقة؟.. أن قصتي الجديدة عن سلمى القادمة من عالم مواز هي حقيقة واقعة؟.. لا أظن يا ملاكي.. من الصعب أن يتخيل أحد ذلك..!
- وماذا إذا عرف ما هو أسوأ؟..
=أننا نحن معا قادمان من أرض أخرى إلى هذا العالم الموازي باحثين عن النجاح عن طريق سرد مغامراتنا؟.. لا أظن.. ولن يتخيل.. إنه يظن أن هذا الكوكب هو الأرض الأصلية في حين أن الأرض الأصلية بالنسبة لي هي الكوكب 112-ب-75 وبالنسبة لك هي الكوكب 419-أ- مجرة تازما مالوري..
- أي أن المدير نفسه يعيش في كوكب من كواكب مغامراتنا..
ثم أمسكت رأسها وضحكت:
- سيصيبني الدوار..!..أرجوك كفى!!..
ثم إنها أطلقت سراح القطة وتساءلت:
- ما هي قصتك التالية؟!..
=لتكن قصتنا مع..مع المغول..
- لكنها شنيعة..
=والمقبرة.. والمومياء المحترقة.. و..
- هيه.. لا تفسد القصة أرجوك.. اكتبها الآن..
وأنتم يا رفاق..؟..أريد أن أطمئن قبل أن أفارقكم..
هل ستلحقون بنا في..
أرض المغول؟!!
********************************************
مرحبا يا رفاق..!.. مضيفكم رفعت إسماعيل يعود إليكم بعد انتهاء هذه القصة العجيبة التي رواها لنا سالم.. لن ألقي أحكاما على عواهنها.. ولن أزعم أنه معتوه - برغم أن الإغراء شديدة ولن أدعي أنه نصاب وما أمتع أن أقولها بل سأكتفي بأن أحك رأسي الأصلع وأغمغم أن كل هذا غريب.. غريب إلى حد لا يوصف.. إن لغزا من أكثر الألغاز غرابة يحيط بهذا الفتى الخجول وزوجته اللطيفة التي تشبهه بالمناسبة إلى حد مريب..!.. ومهما كان رأيكم في قصته هذه فلا أخال أحدكم يجادلني في أنها كانت جديرة بأن أحكيها لكم.. بصيص آخر يلتمع لعيني من عالم ما وراء الطبيعة.. عالم الألغاز التي سنموت ويموت أحفادنا قبل أن نراها دعك من أن تجد لها تفسيرا.. والآن لقد انتهى دوري.. سأعود إلى القصص القادمة من ذكرياتي الشنيعة التي لا أجد أرق منها كي أحكيه للأسف!.. على أنني اعدكم أن أشارككم في كل قصة جديدة يحكيها لي هذا الزميل الغامض.. والآن أعود لعالمي الكئيب.. كان هذا في أوائل عام 1967 حين تبدلت مفاهيمي وآرائي في كثير من الأمور إثر صدامي مع كائن لم أتوقع أبدا أن له وجود حتى في أشد كوابيسي شناعة..
لكن هذه قصة أخرى!
د.رفعت إسماعيل
القاهرة 1992
الرئيسية 
