كنز القصص والمعلومات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كنز القصص والمعلومات

يحتوي المنتدى على كمية رائعة من المعلومات والقصص من كافة الأنواع لإمتاع وتثقيف القارئ
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 9- أسطورة أرض أخرى - الفصل الخامس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 299
تاريخ التسجيل : 31/01/2018
العمر : 43
الموقع : البداري

9- أسطورة أرض أخرى - الفصل الخامس Empty
مُساهمةموضوع: 9- أسطورة أرض أخرى - الفصل الخامس   9- أسطورة أرض أخرى - الفصل الخامس Emptyالخميس فبراير 01, 2018 12:17 pm

5- أرض بلا أجداد..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حين يمشي رواد الفضاء فوق القمر أو يستكشفون مدن الفضاء في قصص الخيال العلمي يكون كل شئ مختلفا.. كل شئ ينبئ بالتباين الملحوظ.. أما في حالتنا هذه فكان من المستحيل أن أبتلع فكرة أن هذه قاهرة أخرى.. وأن هؤلاء البشر الذين يروحون ويجيئون أمامنا هو كائنات فضائية.. ومن الصعب أن أصدق أن زوجتي اللطيفة هذه هي مخلوق من الفضاء الخارجي!.. إن هذا لا يوصف.. نفس شوارع القاهرة المزدحمة ووجوه البشر.. في إحباط همست لها:
=دائما نفس الاختيارات غير الموفقة يا سلمى.. هذه أرض مطابقة تماما لأرضي أنا..
- صبرا.. لابد من اختلافات.. حتما لابد من اختلافات..
ثم قالت وقد بدا عليها الانهاك:
- إني متعبة.. هلم إلى دارنا..
=تعنين دار نسختنا في هذه الأرض؟.. لا أعتقد أن تطابق الكوكبين سيصل إلى درجة تطابق مفتاحي الشقتين..
كنا واقفين جوار إحدى محطات الميني باص.. وكانت جواري بائعة سجائر عجوز تفترش الرصيف.. تقدم نحوها رجل يخرج ورقة نقد من جيبه وقد بدا على عجلة:
- علبة بابل..
- لا توجد عندي سوى سجائر فينيقيا..
انصرف الرجل باحثا عن ضالته عند أخرى.. أما أنا فقد استرعت انتباهي تلك الأسماء غير العادية للسجائر.. والأغرب هو منظر الجنيه الذي أخرجه لها.. جنيه ليس عليه أية صورة لتماثيل فرعونية مثل جنيهاتنا بل نقش دقيق لتمثال زيوس.. لم أصارح سلمى بأسئلتي خاصة وأن ذكرى الجنيهات الزرقاء لا تبرح مخيلتي.. المهم ألا يلاحظ من يأخذ نقودا مني اختلاف العملتين خاصة وأنهما شديدتا التشابه.. لاحظت أيضا اختلافا كبيرا في أسماء الشوارع والضواحي المكتوبة على الحافلات.. إن لدي نظرية ما.. لكني أحتاج إلى إثبات.. لمست كتف رجل واقف بجواري وسألته بكياسة عن طريق الوصول إلى شارع الهرم.. لم يبد عليه أنه يعرف مكانه أو سمع عنه أصلا.. إن نظريتي تتضح.. وفي كل مكان أجد ما يدعمها أكثر وأكثر.. كل فندق أو شارع أو ميدان يحمل في عالمي اسما فرعونيا استبدل باسمه هنا اسما يونانيا أو هنديا أو بابليا.. فندق نبوخذ نصر.. استراحة جلجاميش.. كافتريا الأوليمب.. ميدان كونفوشيوس.. الخ.. ركبنا الحافلة إلى ميدان التحرير.. لحسن الحظ لم يلحظ المحصل اختلاف العملة.. أعطيته خمسة جنيهات.. وهكذا وجدت في يدي كما لا بأس به من أوراق النقد لهذا الكوكب.. وكلها تحمل صور يوليوس قيصر وزيوس وأبوللو.. وفي الميدان نزلنا.. قالت سلمى وقد بدأت تشعر بغرابة الأمر:
- إن هذه القاهرة ليس بها سياح على الإطلاق..
أشرت إلى مساحة شاسعة خاوية من الميدان وأيدت كلامها:
=وليس بها متحف مصري..
- هذا صحيح.. ولكن.. ما معنى ذلك؟..
=معناه أننا نعيش في قاهرة لا تعرف الفراعنة..!
************************
لكن السؤال الأساسي هنا هو.. هل حقا لم يعرف هذا العالم الفراعنة لأنهم لم يوجدوا به أم لأنه يجهل ذلك؟.. لا أدري.. لربما يتسع الوقت لقراءة كتب تاريخهم فيما بعد.. أما الآن فإن قدمي قد تورمتا.. وأشعر أن جسدي كله هو وتر كمان قديم أنهكه العزف.. يجب أن نستريح.. فندق؟.. لا.. من أين لنا بالمال خاصة وأن الدفع في الفندق لن يكون هينا كالدفع في الحافلة.. سيدققون في عملاتنا وحتما سيلاحظون الاختلاف.. سلمى أيضا منهكة.. أعرف هذا تماما لأننا ننشط معا ونتعب معا.. نفس نسب حمض اللاكتيك في عضلات ساقي وساقيها.. ونفس انخفاض نسبة السكر في الدم.. ونفس استهلاك حبيبات نيسل في خلايا مخي ومخها.. لأنها كما تعرفون أنا أخرى.. كنا قد وصلنا دون أن نشعر إلى بيتنا.. أعني بيت نسختنا.. وشرعنا نتأمل في حنين المدخل المألوف.. ونباتات الظل البائسة المحتضرة في أصصها على الجانبين.. والبواب الغافي المنهك.. ودخلنا.. عند الطابق الثالث توقفنا.. وشرعنا نتأمل لوحة الاسم على الباب: سليمان شحاتة..مهندس.. إذن هذا هو أنا -أو سلمى- لا أدري بالضبط..
نفس اشتقاق الاسم الذي لا يمكن أن يكون صدفة.. رفعت إصبعي المتوتر لأقرع الجرس فأوقفني صوت سلمى:
- لحظة!.. هل فكرت فيما ستقوله له؟..
=لا..
- لن تقول له طبعا.. مساء الخير يا سيدي.. نحن نسختاك الكروموسوميتان القادمتان من كوكب آخر ونريد المبيت عندك..
=بالطبع لا.. لكن ماذا أقول إذن؟..
لقد بدأت أفهم شعورها حين جاءت مكتبي أول مرة.. من حسن حظها أنني جنتلمان.. أما هذا فلربما كان فظا.. ولربما يستدعي الشرطة أو يملأ الدنيا صراخا.. ابتسمت بركن فمها الأيسر.. وقالت:
- اسمع.. الحل الصحيح هو أن ندخل ونتعرف عليه ثم على ضوء انطباعنا نقرر مصارحته من عدمها.. أنا المدام حرمك وقد فقدت وعيي فجأة.. فماذا تفعل؟.. تقرع أول جرس تصادفه طبعا..
=أول جرس في الدور الثالث؟!..
- وماذا في ذلك؟.. كنا صاعدين لعيادة الطبيب بالدور الرابع..
=لا يوجد طبيب في الدور الرابع..
- سنقول له إن هذا ما عرفناه بعد أن صعدنا.. والآن هيا..
ودون كلمة أخرى سقطت فوق ذراعي مغشيا عليها.. حتى أنني شعرت بالذعر حقيقة لا تمثيلا.. وقرعت الجرس في هستيريا.. سمعت صوت مزلاج يتحرك.. وبرز وجه امرأة متسائلة.. قلت لها بضع عبارات متخبطة توحي بمدى ذعري وأنا أشعر برأس سلمى المدفون في صدري يهتز كاتما ضحكة.. لا ريب أنني بدوت لها سخيفا إلى أقصى حد.. أدخلتنا المرأة.. وأجلست سلمى على الأريكة وشرعت أتأمل الشقة الأنيقة التي لا تمت لشقتنا في كوكبي بصلة.. إن نسختنا على هذا الكوكب ميسور الحال بلا شك.. هذا بالطبع ما لم تكن هذه السيدة هي نسختي.. وإن كنت لا أجد أثرا لكروموسوماتي في ملامحها الأرستقراطية.. سلمى تفيق.. ويالها من ممثلة بارعة.. عيناها ذابلتان وشعرها مبعثر ورأسها يترنح.. أما المرأة فكانت حنونا مع شئ من الحزم.. صوت رجل يتساءل عما هنالك.. وجواره طفل صغير يرمقنا في شئ من الفضول.. تأملت الرجل.. ضخم العظام.. أشيب حليق الوجه وكان منحرف المزاج محمر الأذنين بما يدل على أنه كان نائما منذ ثوان نوم العصر الكئيب الملئ بالعرق والكوابيس.. مرة أخرى لا أجد كروموسوماتي فيه.. صافحني وأجلسني وشرع يسمع قصتي الملفقة الصغيرة دون اكتراث حقيقي.. ثم إن زوجته نهضت وعادت لنا بصينية عليها زجاجتا مياه غازية.. نظرت إلى سلمى فوجدتها ترمق الرجل بنظرة ثاقبة.. ثم تلاقت عينانا فالتوى ركن فمها الأيسر بمعنى أنها لا تفهم حقا.. لربما كانت نسختنا لا وجود لها في هذا العنوان أو ربما لا وجود لها.. من غرفة جاء الطفل يركض حاملا كتابا مدرسيا ويردد بعض الهتافات الطفولية المبتذلة:
- راجل وست.. جم للبيت!!..
نادته سلمى متظاهرة بالحنان.. ومررت يدها عبر شعره الخشن ولثمت جبينه الضيق.. وسألته عن اسمه..
- شررريـ...يف!..
- الله!.. اسم جميل يا شريف!.. وما هذا الكتاب؟.. الله!.. التاريخ للصف الخامس عشر الابتدائي!!..
الصف الخامس عشر الابتدائي؟.. لا يهم.. لقد اعتدت هذا الخلط منذ سمعت عن السيارة الخوارزمي وعن احتلال تايلاند للصين.. فتحت سلمى الكتاب وشرعت تقرأ بصوت مسموع:
- إن أرسطو هو من أدخل نور الحضارة اليونانية إلى مصر ولولاه لظلت مصر في ظلام الجهل..!!
ما هذا السخف؟!.. كلنا يعرف أن الفراعنة هم آباء الحضارة الحقيقيون.. ولم يكن للأخ أرسطو أي فضل من أي نوع علينا.. لكن من يدري.. لربما كانت هذه هي الحقيقة على هذا الكوكب.. والآن تشكو أم الطفل ابنها لسلمى كعادة النساء:
- تصوري يا مدام أنه يحب القراءة وشرب القهوة!.. تخيلي طفلا يشرب القهوة!.. يضيع وقته مع القطط الصغيرة.. أليس كذلك يا شريف؟.. هل أخبر طانط بالمزيد؟.. إنه يقرأ القصص والمجلات في الحمام..
ماذا؟.. هذه العادات تبدو مألوفة!.. نظرت لسلمى فوجدتها مثبتة عينيها على وجه الطفل.. نظرت له فوجدت ما كنت أتوقعه.. كان يبتسم بزاوية فمه اليسرى..!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yousefahmed-com.ahlamontada.com
 
9- أسطورة أرض أخرى - الفصل الخامس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 9- أسطورة أرض أخرى - الفصل العاشر
» 9- أسطورة أرض أخرى - الفصل السادس
» 9- أسطورة أرض أخرى - الفصل الأول
» 9- أسطورة أرض أخرى - الفصل الثاني
» 9- أسطورة أرض أخرى - الفصل الثالث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كنز القصص والمعلومات :: الفئة الأولى :: أساطير ما وراء الطبيعة-
انتقل الى: